كتاب الصوت اللغوي في القرآن

الفيزيولوجي ( physiology ـ phonnetics ) في الحديث عن الجهاز التنفسي الذي يقدم الهواء المناسب لتكييف حدوث الأصوات، وعن الحنجرة باعتبارها مفجرة الطاقة الصوتية، وعن التجاويف فوق المزمارية التي تلعب دور عزف الرنين في إنتاج غالبية الضوضاء المستخدمة في الكلام، وعن دور التنفس في مرحلتي الشهيق والزفير في اتساع القفص الصدري لدى الشهيق، فيدعو الهواء الخارجي بسبب هبوط الحجاب الحاجز، وارتفاع الأضلاع إلى الدخول من فتحتي الأنف أو الفم عبر القصبة الهوائية إلى الرئتين، فتنتج أصواتاً استثنائية مسموعة عند الأطفال، أو في حالتي النشيج والضحك.
أما الزفير فيتشمل على ارتفاع الحجاب الحاجز، وهبوط الأضلاع، ونتيجة لهذا يندفع الهواء بكمية كبيرة من الرئتين، هذا الهواء المندفع بالزفير هو الذي يستخدم في التصويت (1).
إن هذا التحليل الحديث في حدوث الأصوات من وجهة نظر علمية أو تشريحية هو الذي أراده ابن جني في عنايته بمجرى الهواء في عملية إحداث الأصوات، ولكن بأسلوب يتجاوز مناخ بيئته إلى البيئات المعاصرة، وتشبيهه لهذا الجهاز بمراوحة الزامر أنامله في خرو الناي لسماع الأصوات لم يعد اليوم تشبيهاً بل عاد تسمية اصطلاحية في علم الأصوات الفيزيولوجي بالنسبة للتصويت، إذ تطلق كلمة المزمار على الفراغ المثلث المحاط بالحبلين الصوتيين «فالمزمار يكون مفتوحاً في التنفس العادي، كما يكون مفتوحاً خلال النطق ببعض الصوامت المهموسة، أما خلال التصويت فإن المزمار يجب أن ينغلق، على طول الخط الوسيط، فإذا بقي الجزء الموجود بين الغضروفين الهرميين مفتوحاً، بحيث يسمح للهواء بالمرور سمعنا صوتاً مستسراً هو صوت الوشوشة، وإذا كان الإئتلاف كاملاً كان المزمار في وضع الاستعداد للتذبذب ... ومن الممكن أيضاً أن نقصر التذبذب على جزء من الحبل الصوتي، وبذلك نختصر طول الجسم المتذبذب، وهو ما يعطينا نغمة أكثر حدة. هذه المعطيات الفيزيولوجية تتفق اتفاقاً كاملاً مع القوانين الفيزيقية التي تحكم التردد
__________
(1) ظ: برثيل مالمبرج، علم الأصوات: 43 بتصرف.

الصفحة 68