كتاب الصوت اللغوي في القرآن

فمنها ما هو من أقصى الحلق، ومنها ما هو من أدنى الفم، ومنها ما هو في الوسط بين ذلك.
«والتلاؤم في التعديل من غير بعد شديد أو قرب شديد. وذلك يظهر بسهولته على اللسان، وحسنه في الأسماع، وتقبله في الطباع، فإذا انضاف إلى ذلك حسن البيان في صحة البرهان في أعلى الطبقات؛ ظهر الإعجاز للجيد الطباع البصير بجواهر الكلام» (1).
وأما كتب القراءات، فقد انتهى كثير منها بإعطاء مصطلحات صوتية اقترنت بالنحو تارة وباللغة تارة أخرى، وتمحضت للصوت القرآني بينهما، وكان ذلك في بحوث متميزة برز منها: الإدغام، الإبدال، الإعلال، الإخفاء، الإظهار، الإشمام، الإمالة، الإشباع، المدّ، التفخيم، الترقيق مما اصطنعه علماء الآداء الصوتي للقرآن كما سيأتي بحثه في حينه.
الحق أن الصوت اللغوي في القرآن قد بحث متناثراً هنا وهناك في مفردات حية، تتابع عليها جملة من الأعلام المبرزين الذين اتسمت جهودهم بالموضوعية والتجرد وبيان الحقيقة، كان منهم: علي بن عيسى الرماني (ت: 386 هـ) وأبو بكر الباملاني (ت: 403 هـ) وأبو عمر الداني (ت: 444 هـ) ومحمد بن الحسن الطوسي (ت: 460 هـ) وجار الله الزمخشري (ت: 538 هـ) وأبو علي الطبرسي (ت: 548 هـ) وعبدالله بن محمد النكزاوي (ت: 683 هـ) وإبراهيم بن عمر الجعبري (ت: 732 هـ) وبدر الدين الزركشي (ت: 794 هـ) وجلال الدين السيوطي (ت: 911 هـ).
وأما الدراسات البلاغية التي اشتملت على خصائص الأصوات فقد بحثت على أيدي علماء متمرسين كالشريف الرضي (ت: 406 هـ) وعبد القاهر الجرجاني (ت: 471 هـ) وابن سنان الخفاجي (ت: 466 هـ) وابي يعقوب السكاكي (ت: 626 هـ) وأضرابهم:
وكانت مباحثهم طبقاً لتوجه علم المعاني، وتزاحم الأصوات في قبول ذائقتها النطقية أو السّمعية ورفضها، من خلال: تنافر الحروف، تلاؤم الأصوات، التعقيد اللفظي، التعقيد المعنوي، فصاحة اللفظ المفرد؛ مما
__________
(1) الرماني، النكت في إعجاز القرآن: 96.

الصفحة 78