كتاب الكلام على مسألة السماع (اسم الجزء: 1)

عند النوائب، فلا ربَّ غيره، ولا إلهَ سواه.
ولقوله: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} عبودية تخصها، وهي شهود عموم رحمته، وسعتها لكل شيء، وأخْذ كل موجود بنصيبه منها، ولا سيما الرحمة الخاصة (¬١) التي أقامت عبده بين يديه في خدمته، يناجيه بكلامه ويتملَّقه ويسترحمه ويسأله هدايته ورحمته، وإتمامَ (¬٢) نعمته عليه، فهذا من رحمته بعبده، فرحمتُه وسعتْ كلَّ شيء، كما أن حمده وسعَ كل شيء.
ثم يعطي قوله: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [٥٢ ب] عبوديتها، ويتأمل تضمنها لإثبات المعاد، وتفرد الرب فيه بالحكم بين خلقه، وأنه (¬٣) يوم يدين فيه العباد بأعمالهم في الخير والشر، وذلك من (¬٤) تفاصيل حمده وموجبه.
ولما كان قوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} إخبارًا عن حمده تعالى قال الله: حمدني عبدي، ولما كان قوله: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} إعادةً وتكريرًا لأوصاف كماله قال: أثنى عليَّ عبدي، فإن الثناء إنما يكون بتكرار المحامد وتعداد أوصاف المحمود، ولما وصفه سبحانه بتفرده
---------------
(¬١) في الأصل بعدها: "به"، وليست في ك، ع.
(¬٢) ك: "وتمام".
(¬٣) ع: "فإنه".
(¬٤) ك: "في".

الصفحة 126