كتاب الكلام على مسألة السماع (اسم الجزء: 1)

وجليلَه، لا يخصُّ شيئًا دون شيء، فمن ظن أن هذا في شرائع الإسلام دون حقائق الإيمان، وفي أعمال (¬١) الجوارح دون أعمال القلوب وأذواقها ومواجيدها، أو في فروع الدين دون أصولِه وبابِ الأسماء والصفات والتوحيد= فقد خرج عن موجب الآية علمًا وعملًا وإيمانًا.
بل كما أن رسالته - صلى الله عليه وسلم - عامة إلى كل مكلف في كل وقت، فهي عامة في كل حكم من أحكام الدين: أصوله وفروعه، حقائقه (¬٢) وشرائعه، فمَن أخرج حكمًا من أحكام الدين عن عموم رسالته، فهو كمَن أخرج محكومًا عليه من المكلفين عن عموم رسالته، فهذا في البطلان كهذا.
وقال تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [النور: ٥٦]، فجعل رحمته لهم معلقةً بطاعة رسوله (¬٣)، كما جعل الفلاح والفوز معلقًا بها في قوله: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} [النور: ٥٢].
وأخبر سبحانه أن أهل طاعته وطاعة رسوله هم المنعَم عليهم، وهذا يقتضي أن غيرهم هم أهل الغضب والضلال، فقال تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ [١٨ أ] أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ
---------------
(¬١) ع: "عمل".
(¬٢) ك: "وحقائقه".
(¬٣) ع: "بطاعته".

الصفحة 13