المبتدعون ليسوا من الدعاة إلى الله، وليسوا على بصيرة، بل هم من الدعاة إلى الشيطان، وهم من جنده وحزبه، يدعون إلى ما يُسخِط (¬١) الله ورسوله، ويُباعِد من رضاه ويُقرِّب من سخطه، فلهم نصيب من قوله: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى} [النجم: ٢٣].
فصل
وما دعا إليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو حياة القلوب، ونجاة النفوس، ونور البصائر، وما يدعو (¬٢) إليه مخالفوه فهو موت القلوب، وهلاك النفوس، وعَمَى البصائر. قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [الأنفال: ٢٤].
وتأمل كيف أخبر عن حيلولته (¬٣) بين المرء وقلبه (¬٤) بعد أمرِه بالاستجابة له ولرسوله، كيف تجد في ضمن هذا الأمر والخبر أن مَن ترك الاستجابة له ولرسوله (¬٥) حالَ بينه وبين قلبه، عقوبةً له على ترك الاستجابة، فإنه سبحانه يُعاقِب القلوب بإزاغتها عن هداها ثانيًا، كما
---------------
(¬١) ك: "يسخطه".
(¬٢) الأصل: "يدعوه". والمثبت من ع، ك.
(¬٣) ع: "حلوليته".
(¬٤) "وأنه إليه ... وقلبه" ساقطة من ك.
(¬٥) "كيف تجد ... ولرسوله" ساقطة من ك.