وقد أمر تعالى باتباع صراطه الذي نصَبَه لأوليائه (¬١)، وجعله مُوصِلًا إليه وإلى جنته، ونهى عن اتّباع ما سواه من السبل، فقال تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام: ١٥٣].
قال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: خطَّ لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطًّا وقال: "هذا سبيل الله"، ثم خطَّ خطوطًا عن يمينه وعن يساره ثم قال: "هذه سُبُلٌ، على كل سبيلٍ منها شيطان يدعو إليه". ثم قرأ قوله: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} الآية (¬٢).
وأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن كل عمل ليس عليه أمره فهو [١٩ ب] مردود على فاعله، مضروبٌ به (¬٣) وجهُه، ولا يزيده من الله إلا بعدًا، كما ثبت في صحيح مسلم (¬٤) عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "مَن عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ"، وفي لفظ آخر: "كل عملٍ ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ" (¬٥).
---------------
(¬١) "لأوليائه" ليست في ع، ك.
(¬٢) أخرجه أحمد (١/ ٤٣٥، ٤٦٥)، والطيالسي في مسنده (٢٤٤)، والدارمي (١/ ٦٧)، والنسائي في "السنن الكبرى" (١١١٧٤)، وابن حبان في صحيحه (٦، ٧)، والحاكم في "المستدرك" (٢/ ٣١٨)، من طرق عن حماد بن زيد عن عاصم ابن أبي النجود عن أبي وائل عن ابن مسعود. وإسناده حسن.
(¬٣) "به" ليست في الأصل. وهي من ع، ك.
(¬٤) برقم (١٧١٨) من حديث عائشة.
(¬٥) لم أجد هذا اللفظ مرويًّا بإسناد، وذكره ابن عبد البر في التمهيد (٢/ ٨٢)، وابن حزم في المحلى (٨/ ١٣٤). واللفظ المشهور: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ". أخرجه البخاري (٢٦٩٧)، ومسلم (١٧١٨).