كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 1)

أَجَلِي، وَأَبُو عُبَيْدَةَ حَيٌّ، اسْتَخْلَفْتُهُ، فَإِنْ سَأَلَنِي اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: لِمَ اسْتَخْلَفْتَهُ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ؟
قُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِيْناً، وَأَمِيْنُ هَذِهِ الأُمَّةِ: أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ) .
قَالَ: فَأَنْكَرَ القَوْمُ ذَلِكَ، وَقَالُوا: مَا بَالُ عَلْيَاءِ قُرَيْشٍ؟
يَعْنُوْنَ: بَنِي فِهْرٍ.
ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ أَدْرَكَنِي أَجَلِي، وَقَدْ تُوُفِّيَ أَبُو عُبَيْدَةَ، أَسْتَخْلِفْ مُعَاذَ بنَ جَبَلٍ، فَإِنْ سَأَلَنِي رَبِّي قُلْتُ:
إِنِّي سَمِعْتُ نَبِيَّكَ يَقُوْلُ: (إِنَّهُ يُحْشَرُ يَوْمَ القِيَامَةِ بَيْنَ يَدَي العُلَمَاءِ بِرَتْوَةٍ (1)) .
وَرَوَى: حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنِ الجُرَيْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ شَقِيْقٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ العَاصِ، قَالَ:
قِيْلَ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟
قَالَ: (عَائِشَةُ) .
قِيْلَ: مِنَ الرِّجَالِ؟
قَالَ: (أَبُو بَكْرٍ) .
قِيْلَ: ثُمَّ مَنْ؟
قَالَ: (ثُمَّ أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ) .
كَذَا يَرْوِيْهِ حَمَّادٌ.
وَخَالَفَهُ جَمَاعَةٌ، فَرَوَوْهُ عَنِ الجُرَيْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
سَأَلْتُ عَائِشَةَ: أَيُّ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ أَحَبَّ إِلَيْهِ؟
قَالَتْ: أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ، ثُمَّ أَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ (2) .
__________
(1) أخرجه أحمد 1 / 18، وفيه " نبذة " بدل " رتوة "، ورجاله ثقات إلا أن شريح بن عبيد، وراشد ابن سعد، لم يدركا عمر.
وأخرجه ابن سعد 3 / 1 / 300، والحاكم 3 / 268 بنحوه مختصرا من طريق: كثير بن هشام، عن جعفر بن برقان، عن ثابت بن حجاج، قال: قال عمر بن الخطاب: لو أدركت أبا عبيدة بن الجراح لاستخلفته وما شاورت، فإن سئلت عنه قلت: استخلفت أمين الله وأمين رسوله.
والرتوة: بفتح الراء، وسكون التاء، وفتح الواو، رمية سهم، وقيل: مد البصر.
(2) أخرجه الترمذي (3657) في المناقب، وابن ماجه (102) في المقدمة: باب فضل عمر. ورجاله ثقات.
وأخرجه الحاكم 3 / 73، وأبو يعلي الموصلي في مسنده، كما في " الإصابة " 5 / 287، من طريق: كهمس، عن عبد الله بن شقيق قال: قلت لعائشة ... وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
وأخرجه البخاري (3662) في فضائل الصحابة: باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: لو كنت متخذا خليلا، و (4358) في المغازي: باب غزوة ذات السلاسل، من حديث عمرو بن العاص، أن النبي، صلى الله عليه وسلم، بعثه على جيش ذات السلاسل، قال: فأتيته، فقلت: أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة.
قلت: من الرجال؟ قال: أبوها.
قلت: ثم من؟ قال: ثم عمر بن الخطاب، فعد رجالا.

الصفحة 10