كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 1)

أُحْيِيْهَا لَهُ بِالفَقِيْرِ، وَبأَرْبَعِيْنَ أُوْقِيَّةً.
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لأَصْحَابِهِ: (أَعِيْنُوا أَخَاكُم) .
فَأَعَانُوْنِي بِالنَّخْلِ، الرَّجُلُ بِثَلاَثِيْنَ وَدِيَّةً (1) ، وَالرَّجُلُ بِعِشْرِيْنَ، وَالرَّجُلُ بِخَمْسَ عَشْرَةَ، حَتَّى اجْتَمَعَتْ ثَلاَثَ مَائَةِ وَدِيَّةٍ.
فَقَالَ: (اذْهَبْ يَا سَلْمَانُ، فَفَقِّرْ لَهَا، فَإِذَا فَرَغْتَ فَائْتِنِي أَكُوْنُ أَنَا أَضَعُهَا بِيَدِي) .
فَفَقَّرْتُ لَهَا، وَأَعَانَنِي أَصْحَابِي، حَتَّى إِذَا فَرَغْتُ مِنْهَا، جِئْتُهُ وَأَخْبَرْتُهُ، فَخَرَجَ مَعِي إِلَيْهَا نُقَرِّبُ لَهُ الوَدِيَّ، وَيَضَعُهُ بِيَدِهِ، فَوَالَّذِي نَفْسُ سَلْمَانَ بِيَدِهِ، مَا مَاتَتْ مِنْهَا وَدِيَّةٌ وَاحِدَةٌ.
فَأَدَّيْتُ النَّخْلَ، وَبَقِيَ عَلَيَّ المَالُ، فَأُتِيَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمِثْلِ بَيْضَةِ دَجَاجَةٍ مِنْ ذَهَبٍ مِنْ بَعْضِ المَغَازِي.
فَقَالَ: (مَا فَعَلَ الفَارِسِيُّ المُكَاتَبُ؟) .
فَدُعِيْتُ لَهُ، فَقَالَ: (خُذْهَا، فَأَدِّ بِهَا مَا عَلَيْكَ) .
قُلْتُ: وَأَيْنَ تَقَعُ هَذِهِ يَا رَسُوْلَ اللهِ مِمَّا عَلَيَّ؟
قَالَ: (خُذْهَا، فَإِنَّ اللهَ سَيُؤَدِّي بِهَا عَنْكَ) .
فَأَخَذْتُهَا، فَوَزَنْتُ لَهُم مِنْهَا أَرْبَعِيْنَ أُوْقِيَّةً، وَأَوْفَيْتُهُم حَقَّهُم، وَعُتِقْتُ، فَشَهِدْتُ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الخَنْدَقَ حُرّاً، ثُمَّ لَمْ يَفُتْنِي مَعَهُ مَشْهَدٌ (2) .
زَادَ: إِبْرَاهِيْمُ بنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، فَقَالَ:
عَنْ يَزِيْدَ بنِ أَبِي حَبِيْبٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ عَبْدِ القَيْسِ، عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ:
لَمَّا قُلْتُ لَهُ: وَأَيْنَ تَقَعُ هَذِهِ مِنَ الَّذِي عَلَيَّ؟
أَخَذَهَا، فَقَلَّبَهَا عَلَى لِسَانِهِ، ثُمَّ قَالَ: (خُذْهَا (3)) .
وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ إِدْرِيْسَ: عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَاصِمِ بنِ عُمَرَ، عَنْ رَجُلٍ
__________
(1) الودية: جمع ودي: صغار الفسيل.
(2) رجاله ثقات.
وإسناده قوي فقد صرح ابن إسحاق بالتحديث عند أحمد وابن هشام وابن سعد، وأخرجه أحمد 5 / 441 - 444، وابن سعد 4 / 1 / 53 - 57، والجزري في " أسد الغابة " 2 / 417 - 419، وابن هشام 1 / 214 - 221 والطبراني في " الكبير " برقم (6065) والخطيب البغدادي في " تاريخ بغداد " 1 / 164 - 169، وانظر " مجمع الزوائد " 9 / 336.
(3) أخرجه أحمد 5 / 444، وابن هشام 1 / 221، وانظر " المجمع " 9 / 336 وفي سنده جهالة.

الصفحة 511