كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 1)

صَدِيْقاً لِي، فَقَالَ:
إِنَّ الَّذِي أَنْتَ عَلَيْهِ دِيْنُ المَلِكِ، وَلَكِنْ عَلَيْكَ بِاليَعْقُوْبِيَّةِ، فَرَفَضْتُ ذَلِكَ، وَلَحِقْتُ بِالجَزِيْرَةِ، فَلَزِمْتُ رَاهِباً بِنَصِيْبِيْنَ يَرَى رَأْيَ اليَعْقُوْبِيَّةِ، فَكُنْتُ عِنْدَهُمْ حِجَجاً.
فَرَأَيْتُ فِيْمَا يَرَى النَّائِمُ أَنَّ إِبْرَاهِيْمَ خَلِيْلَ الرَّحْمَنِ قَائِمٌ عِنْدَ العَرْشِ، يَمِيْزُ مَنْ كَانَ عَلَى مِلَّتِهِ، فَيُدْخِلَهُ الجَنَّةَ، وَمَنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ مِلَّتِهِ، ذَهَبُوا بِهِ إِلَى النَّارِ، فَهَرَبْتُ مِنْ ذَلِكَ الرَّاهِبِ، وَأَتَيْتُ رَاهِباً لَهُ خَمْسُوْنَ وَمَائَةُ سَنَةٍ، وَأَخْبَرْتُهُ بِقِصَّتِي، فَقَالَ:
إِنَّ الَّذِي تَطْلُبُهُ لَيْسَ هُوَ اليَوْمَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ، ذَاكَ دِيْنُ الحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ دِيْنُ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَقَدِ اقْتَرَبَ، وَأَظَلَّكَ زَمَانُهُ، نَبِيُّ يَثْرِبَ يَدْعُو إِلَى هَذَا الدِّيْنِ.
قُلْتُ: مَا اسْمُ هَذَا الرَّجُلِ؟
قَالَ: لَهُ خَمْسَةُ أَسْمَاءَ، مَكْتُوْبٌ فِي العَرْشِ: مُحَمَّدٌ، وَفِي الإِنْجِيْلِ: أَحْمَدُ، وَيَوْمَ القِيَامَةِ: مَحْمُوْدٌ، وَعَلَى الصِّرَاطِ: حَمَّادٌ، وَعَلَى بَابِ الجَنَّةِ: حَامِدٌ، وَهُوَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيْلَ، وَهُوَ قُرَشِيٌّ.
فَسَرَدَ كَثِيْراً مِنْ صِفَتِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قَالَ: فَسِرْتُ فِي البَرِّيَّةِ، فَسَبَتْنِي العَرَبُ، وَاسْتَخْدَمَتْنِي سِنِيْنَ، فَهَرَبْتُ مِنْهُم، إِلَى أَنْ قَالَ:
فَلَمَّا أَسْلَمْتُ قَبَّلَ عَلِيٌّ رَأْسِي، وَكَسَانِي أَبُو بَكْرٍ مَا كَانَ عَلَيْهِ ... ، إِلَى أَنْ قَالَ: (يَا سَلْمَانُ! أَنْتَ مَوْلَى اللهِ وَرَسُوْلِهِ) .
وَهُوَ مُنْكَرٌ.
فِي إِسْنَادِهِ كَذَّابٌ، وَهُوَ إِسْحَاقُ، مَعَ إِرْسَالِهِ، وَوَهْنِ (1) ابْنِ لَهِيْعَةَ، وَالتَّيْمِيِّ.
سَمَّوَيْه (2) : حَدَّثَنَا عَمْرُو بنُ حَمَّادٍ القَنَّادُ (3) ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بنُ نَصْرٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَعَنْ نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي قَوْلِهِ: {إِنَّ الَّذِيْنَ آمَنُوا وَالَّذِيْنَ هَادُوا ... } الآيَة، فِي أَصْحَابِ سَلْمَانَ نَزَلَتْ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ جُنْدِ
__________
(1) تحرفت في المطبوع إلى " ووهنه ".
(2) في المطبوع " وبه ".
(3) تحرفت " قناد " في المطبوع إلى " هناد ".

الصفحة 522