كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 1)

زَائِدَةُ: عَنْ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ رُفَيْعٍ، عَنْ أَبِي ظِبْيَانَ، عَنْ جَرِيْرِ بنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ:
نَزَلْتُ بِالصِّفَاحِ فِي يَوْمٍ شَدِيْدِ الحَرِّ، فَإِذَا رَجُلٌ نَائِمٌ فِي حَرِّ الشَّمْسِ، يَسْتَظِلُّ بِشَجَرَةٍ، مَعَهُ شَيْءٌ مِنَ الطَّعَامِ، وَمِزْوَدُهُ تَحْتَ رَأْسِهِ، مُلْتَفٌّ بِعَبَاءةٍ، فَأَمَرْتُهُ أَنْ يُظَلِّلَ عَلَيْهِ، وَنَزَلْنَا، فَانْتَبَهَ، فَإِذَا هُوَ سَلْمَانُ، فَقُلْتُ لَهُ:
ظَلَّلْنَا عَلَيْكَ وَمَا عَرَفْنَاكَ.
قَالَ: يَا جَرِيْرُ! تَوَاضَعْ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّهُ مَنْ تَوَاضَعَ يَرْفَعْهُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَمَنْ يَتَعَظَّمْ فِي الدُّنْيَا يَضَعْهُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ، لَوْ حَرَصْتَ عَلَى أَنْ تَجِدَ عُوْداً يَابِساً فِي الجَنَّةِ لَمْ تَجِدْهُ.
قُلْتُ: وَكَيْفَ؟
قَالَ: أُصُوْلُ الشَّجَرِ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ، وَأَعْلاَهَا الثِّمَارُ، يَا جَرِيْرُ! تَدْرِي مَا ظُلْمَةُ النَّارِ؟
قُلْتُ: لاَ.
قَالَ: ظُلْمُ النَّاسِ (1) .
شُعْبَةُ: حَدَّثَنَا حَبِيْبُ بنُ الشَّهِيْدِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ بُرَيْدَةَ:
أَنَّ سَلْمَانَ كَانَ يَعْمَلُ بِيَدِهِ، فَإِذَا أَصَابَ شَيْئاً اشْتَرَى بِهِ لَحْماً أَوْ سَمَكاً، ثُمَّ يَدْعُو المُجَذَّمِيْنَ، فَيَأْكُلُوْنَ مَعَهُ (2) .
سُلَيْمَانُ بنُ المُغِيْرَةِ: عَنْ حُمَيْدِ بنِ هِلاَلٍ، قَالَ:
أُوْخِيَ بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، فَسَكَنَ أَبُو الدَّرْدَاءِ الشَّامَ، وَسَكَنَ سَلْمَانُ الكُوْفَةَ، وَكَتَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ إِلَيْهِ:
سَلاَمٌ عَلَيْكَ، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللهَ رَزَقَنِي بَعْدَكَ مَالاً وَوَلَداً، وَنَزَلْتُ الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ سَلْمَانُ: اعْلَمْ أَنَّ الخَيْرَ لَيْسَ بِكَثْرَةِ المَالِ وَالوَلَدِ، وَلَكِنَّ الخَيْرَ أَنْ يَعْظُمَ حِلْمُكَ، وَأَنْ يَنْفَعَكَ عِلْمُكَ، وَإِنَّ الأَرْضَ لاَ تَعْمَلُ لأَحَدٍ، اعْمَلْ كَأَنَّكَ تَرَى، وَاعْدُدْ نَفْسَكَ مِنَ المَوْتَى (3) .
__________
(1) أخرجه أبو نعيم في " الحلية " 1 / 202، والصفاح: موضع بين حنين وأنصاب الحرم، على يسرة الداخل إلى مكة من مشاش.
(2) أخرجه ابن سعد 4 / 1 / 64، وأبو نعيم في " الحلية " 1 / 200.
(3) رجاله ثقات، لكنه منقطع.

الصفحة 548