كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 1)
أَشْفَقْتُ أَنْ يَسْبِقَنِي إِلَى مَنْزِلِهِ، ضَرَبْتُ بِقَدَمِي الأَرْضَ، فَالْتَفَتَ إِلَيَّ، فَالْتَفَتُّ.
فَقَالَ: (أَبُو إِسْحَاقَ؟) .
قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُوْلَ اللهِ!
قَالَ: (فَمَهْ؟) .
قُلْتُ: لاَ وَاللهِ، إِلاَّ أَنَّكَ ذَكَرْتَ لَنَا أَوَّلَ دَعْوَةٍ، ثُمَّ جَاءَ هَذَا الأَعْرَابِيُّ.
فَقَالَ: (نَعَم، دَعْوَةُ ذِي النُّونِ: {لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِيْنَ} [الأَنْبِيَاءُ: 87] فَإِنَّهَا لَمْ يَدْعُ بِهَا مُسْلِمٌ رَبَّهُ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلاَّ اسْتَجَابَ لَهُ (1)) .
أَخْرَجَهُ: التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيْقِ الفِرْيَابِيِّ، عَنْ يُوْنُسَ.
ابْنُ وَهْبٍ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ، حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ:
أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ المِسْوَرِ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ أَبِي، وَسَعْدٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ الأَسْوَدِ بنِ عَبْدِ يَغُوْثَ عَامَ أَذْرح، فَوَقَعَ الوَجَعُ بِالشَّامِ، فَأَقَمْنَا بِسَرْغٍ خَمْسِيْنَ لَيْلَةً، وَدَخَلَ عَلَيْنَا رَمَضَانَ، فَصَامَ المِسْوَرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَأَفْطَرَ سَعْدٌ وَأَبَى أَنْ يَصُوْمَ.
فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ! أَنْتَ صَاحِبُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَشَهِدْتَ بَدْراً، وَأَنْتَ تُفْطِرُ وَهُمَا صَائِمَانِ؟
قَالَ: أَنَا أَفْقَهُ مِنْهُمَا (2) .
ابْنُ جُرَيْحٍ: حَدَّثَنِي زَكَرِيَّا بنُ عَمْرَو (3) :
أَنَّ سَعْدَ بنَ أَبِي وَقَّاصٍ وَفَدَ عَلَى
__________
(1) أخرجه أحمد 1 / 170، والترمذي (3500) في الدعوات: باب دعوة ذي النون في بطن الحوت.
وذكره الهيثمي في " المجمع " 7 / 68، ونسبه إلى أحمد، وقال: ورجاله رجال الصحيح، غير إبراهيم بن محمد بن سعد بن أبي وقاص وهو ثقة.
وصححه الحاكم 2 / 382 ووافقه الذهبي.
وهو كما قالا، وذكره السيوطي في " الدر المنثور " 4 / 334 وزاد نسبته للنسائي والحكيم الترمذي في " نوادر الأصول "، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والبزار، وابن مردويه، والبيهقي في " الشعب ".
وانظر ابن كثير 4 / 580 - 589.
(2) إسناده حسن، وأخرجه الفسوي في " المعرفة والتاريخ " 1 / 369 - 370.
وذكره ابن حزم في " المحلى " 6 / 248.
(3) كذا الأصل " عمرو " بواو.
وفي " التاريخ الكبير " 3 / 450 و" الجرح والتعديل " 3 / 598، و" مصنف عبد الرزاق ": " عمر " بدونها.
الصفحة 95