كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 3)

شَهِدُوْهُ مَعِي، فَأَخَذُوْنِي، فَأَلْقَوْا عَلَيَّ قَطِيْفَةً، وَجَعَلُوا يَغُمُّوْنِي (1) ، وَجَعَلْتُ أُخْرِجُ رَأْسِي مِنْ هُنَا وَمِنْ هُنَا، حَتَّى أَفْلَتُّ وَمَا عَلَيَّ قِشْرَةٌ (2) .
فَلَقِيْتُ حَبَشِيَّةً، فَأَخَذْتُ قِنَاعَهَا (3) ، فَجَعَلْتُهُ عَلَى عَوْرَتِي، فَقَالَتْ كَذَا وَكَذَا.
وَأَتَيْتُ جَعْفَراً، فَقَالَ: مَا لَكَ؟
قُلْتُ: ذُهِبَ بِكُلِّ شَيْءٍ لِي.
فَانْطَلَقَ مَعِي إِلَى بَابِ المَلِكِ، فَقَالَ: ائْذَنْ لِحِزْبِ اللهِ.
فَقَالَ آذِنُهُ: إِنَّهُ مَعَ أَهْلِهِ.
قَالَ: اسْتَأْذِنْ لِي.
فَأَذِنَ لَهُ، فَقَالَ: إِنَّ عَمْراً قَدْ بَايَعَنِي (4) عَلَى دِيْنِي.
فَقَالَ: كَلاَّ.
قَالَ: بَلَى.
فَقَالَ لإِنْسَانٍ: اذْهَبْ، فَإِنْ كَانَ فَعَلَ، فَلاَ يَقُوْلَنَّ لَكَ شَيْئاً إِلاَّ كَتَبْتَهُ.
قَالَ: فَجَاءَ، فَجَعَلَ يَكْتُبُ مَا أَقُوْلُ حَتَّى مَا تَرَكْنَا شَيْئاً حَتَّى القَدَحَ، وَلَوْ أَشَاءُ أَنْ آخُذَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ إِلَى مَالِي لَفَعَلْتُ (5) .
وَعَنْ عَمْرٍو، قَالَ: حَضَرْتُ بَدْراً مَعَ المُشْرِكِيْنَ، ثُمَّ حَضَرْتُ أُحُداً،
__________
(1) أي: يغطوني، ويحبسون نفسي من الخروج.
(2) أي: اللباس.
(3) القناع: ما تغطي به المرأة رأسها.
(4) في " المطالب " و" المجمع ": " تابعني "، وفي " كشف الاستار ": " إن عمرا قد ترك دينه واتبع ديني ".
(5) عمير بن إسحاق لم يرو عنه غير عبد الله بن عون فيما قاله أبو حاتم والنسائي، وقال ابن معين: لا يساوي شيئا، ووثقه مرة.
وقال النسائي: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في " الثقات ".
وأورده العقيلي في " الضعفاء " لأنه لم يرو عنه غير واحد.
وقال ابن عدي: لا أعلم روى عنه غير ابن عون، وله من الحديث شيء يسير، ويكتب حديثه.
وباقي رجال الإسناد ثقات.
وأورده ابن حجر في " المطالب العالية ": 4 / 195 - 198، ونسبه لأبي يعلى، وقال: هذا إسناد حسن، إلا أنه مخالف للمشهور أن إسلام عمرو على يد النجاشي نفسه.
وأخرجه البزار في " مسنده " كما في " كشف الاستار " (1740) ، وقال: لا نعلمه يروى عن جعفر عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد وذكره الهيثمي في " مجمع الزوائد ": 6 / 27 - 29، وقال: رواه الطبراني والبزار، وعمير بن إسحاق وثقه ابن حبان وغيره، وفيه كلام لا يضره، وبقية رجاله رجال الصحيح.
وقد تقدم الحديث في الجزء الأول: 437 في أخبار النجاشي.

الصفحة 63