كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 4)

فَإِذَا أَصْبَحْتَ، فَتَعَالَ.
قَالَ: لاَ وَاللهِ، لاَ أَكُوْنُ لَكَ عَوْناً عَلَى خِيَانَةِ السُّلْطَانِ (1) .
قَالَ مَعْمَرٌ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ سِيْرِيْنَ، فَقَالَ:
رَأَيْتُ كَأَنَّ حَمَامَةً الْتَقَمَتْ لُؤْلُؤَةً، فَخَرَجَتْ مِنْهَا أَعْظَمَ مَا كَانَتْ، وَرَأَيْتُ حَمَامَةً أُخْرَى الْتَقَمَتْ لُؤْلُؤَةً، فَخَرَجَتْ أَصْغَرَ مِمَّا دَخَلَتْ، وَرَأَيْتُ أُخْرَى الْتَقَمَتْ لُؤْلُؤَةً، فَخَرَجَتْ كَمَا دَخَلَتْ.
فَقَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: أَمَّا الأُوْلَى: فَذَاكَ الحَسَنُ يَسْمَعُ الحَدِيْثَ فَيُجَوِّدُهُ بِمَنْطِقِهِ، وَيَصِلُ فِيْهِ مِنْ مَوَاعِظِهِ، وَأَمَّا الَّتِي صَغُرَتْ فَأَنَا، أَسْمَعُ الحَدِيْثَ فَأُسْقِطُ مِنْهُ، وَأَمَّا الَّتِي خَرَجَتْ كَمَا دَخَلَتْ فَقَتَادَةُ، فَهُوَ أَحْفَظُ النَّاسِ (2) .
ابْنُ المُبَارَكِ: عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مُسْلِمٍ المَرْوَزِيِّ، قَالَ:
كُنْتُ أُجَالِسُ ابْنَ سِيْرِيْنَ، فَتَرَكْتُهُ، وَجَالَسْتُ الإِبَاضِيَّةَ، فَرَأَيْتُ كَأَنِّي مَعَ قَوْمٍ يَحْمِلُوْنَ جِنَازَةَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَأَتَيْتُ ابْنَ سِيْرِيْنَ، فَذَكَرْتُهُ لَهُ، فَقَالَ: مَالَكَ جَالَسْتَ أَقْوَاماً يُرِيْدُوْنَ أَنْ يَدْفِنُوا مَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ (3) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-!
وَعَنْ هِشَامِ بنِ حَسَّانٍ، قَالَ:
قَصَّ رَجُلٌ عَلَى ابْنِ سِيْرِيْنَ، فَقَالَ: رَأَيْتُ كَأَنَّ بِيَدِي قَدَحاً مِنْ زُجَاجٍ فِيْهِ مَاءٌ، فَانْكَسَرَ القَدَحُ، وَبَقِيَ المَاءُ.
فَقَالَ لَهُ: اتَّقِ اللهَ، فَإِنَّك لَمْ تَرَ شَيْئاً.
فَقَالَ: سُبْحَانَ اللهِ!
قَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: فَمَنْ كَذَبَ فَمَا عَلَيَّ، سَتَلِدُ امْرَأَتُكَ وَتَمُوْتُ، وَيَبْقَى وَلَدُهَا.
فَلَمَّا خَرَجَ الرَّجُل، قَالَ: وَاللهِ مَا رَأَيْتُ شَيْئاً.
فَمَا لَبِثَ أَنَّ وُلِدَ لَهُ، وَمَاتَتِ امْرَأَتُهُ (4) .
قَالَ: وَدَخَلَ آخَرُ، فَقَالَ: رَأَيْتُ كَأَنِّي وَجَارِيَةً سَوْدَاءَ نَأْكُلُ فِي قَصْعَةٍ
__________
(1) تاريخ الخطيب 5 / 334 وابن عساكر 15 / 226 ب.
(2) ابن عساكر 15 / 227 ب، وأورده بسياق آخر 227 آ.
(3) ابن عساكر 15 / 227 ب، والاباضية: قوم من الخوارج. راجع التاج (أبض) .
(4) ابن عساكر 15 / 227 ب، 228 آ.

الصفحة 617