كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 4)

وَخَيْمَاتُكِ اللاَّتِي بِمُنْعَرَجِ اللِّوَى ... بَلِيْنَ بِلَىً لَمْ تَبْلَهُنَّ رُبُوْعُ
وَقِيْلَ: إِنَّ قَوْمَهُ حَجُّوا بِهِ لِيَزُوْرَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَيَدْعُو، حَتَّى إِذَا كَانَ بِمِنَىً سَمِعَ نِدَاءً: يَا لَيْلَى، فَغُشِيَ عَلَيْهِ، وَبَكَى أَبُوْهُ، فَأَفَاقَ يَقُوْلُ:
وَدَاعٍ دَعَا إِذْ نَحْنُ بِالخَيْفِ مِنْ مِنَىً ... فَهَيَّجَ أَطْرَابَ الفُؤَادِ وَلَمْ يَدْرِ (1)
دَعَا بِاسْمِ لَيْلَى غَيْرَهَا فَكَأَنَّمَا ... أَطَارَ بِلَيْلَى طَائِراً كَانَ فِي صَدْرِي (2)
وَجَزِعَتْ هِيَ لِفِرَاقِهِ وَضَنِيَتْ.
وَقِيْلَ: إِنَّ أَبَاهُ قَيَّدَهُ، فَبَقِيَ يَأْكُلُ لَحْمَ ذِرَاعَيْهِ، وَيَضْرِبُ بِنَفْسِهِ، فَأَطْلَقَهُ، فَهَامَ فِي الفَلاَةِ، فَوُجِدَ مَيْتاً، فَاحْتَمَلُوْهُ إِلَى الحَيِّ، وَغَسَّلُوْهُ، وَدَفَنُوْهُ، وَكَثُرَ بُكَاءُ النِّسَاءِ وَالشَّبَابِ عَلَيْهِ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ كَانَ يَأْكُلُ مِنْ بُقُوْلِ الأَرْضِ، وَأَلِفَتْهُ الوَحْشُ، وَكَانَ يَكُوْنُ بِنَجْدٍ، فَسَاحَ حَتَّى حُدُوْدِ الشَّامِ.
وَشِعْرُهُ كَثِيْرٌ مِنْ أَرَقِّ شَيْءٍ وَأَعْذَبِهِ، وَكَانَ فِي دَوْلَةِ يَزِيْدَ، وَابْنِ الزُّبَيْرِ.

2 - أَبُو مُسْلِمٍ الخَوْلاَنِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ ثُوَبٍ * (م، 4)
الدَّارَانِيُّ، سَيِّدُ التَّابِعِيْنَ، وَزَاهِدُ العَصْرِ.
__________
(1) رواية الديوان ص 144 والشعر والشعراء ص 163: " فهيج أحزان الفؤاد وما يدري ".
والخيف: موضع في منى، منه سمي مسجد الخيف.
والاطراب: جمع طرب وهو خفة تعتري المرء عند شدة الفرح أو شدة الحزن.
(2) انظر الخبر مفصلا في الاغاني 2 / 21.
(*) طبقات ابن سعد 7 / 448، طبقات خليفة ت 2888، تاريخ البخاري 5 / 58، المعرفة والتاريخ 2 / 308 و382، الحلية 2 / 22، الاستيعاب ت 1479، تاريخ ابن عساكر 9 / 12 ب، أسد الغابة 3 / 129، اللباب 1 / 395، تهذيب الكمال ص 170 و1654 تذكرة الحفاظ 1 / 46، تاريخ الإسلام 3 / 102، فوات الوفيات 1 / 209، البداية والنهاية 8 / 146، الإصابة ت 6302، تهذيب التهذيب 12 / 235، طبقات الحفاظ للسيوطي ص 13، شذرات الذهب 1 / 70، تهذيب ابن عساكر 7 / 314.

الصفحة 7