كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 4)

إِلَيْهِ، فَقَالَ: مِمَّنِ الرَّجُلُ؟
قَالَ: مِنَ اليَمَنِ.
قَالَ: مَا فَعَلَ الَّذِي حَرَّقَهُ الكَذَّابُ بِالنَّارِ؟
قَالَ: ذَاكَ عَبْدُ اللهِ بنُ ثُوَبٍ.
قَالَ: نَشَدْتُكَ بِاللهِ، أَنْتَ هُوَ؟
قَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ.
فَاعْتَنَقَهُ عُمَرُ، وَبَكَى، ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ حَتَّى أَجْلَسَهُ فِيْمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصِّدِّيْقِ، فَقَالَ:
الحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يُمِتْنِي حَتَّى أَرَانِي فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ مَنْ صُنِعَ بِهِ كَمَا صُنِعَ بِإِبْرَاهِيْمَ الخَلِيْلِ.
رَوَاهُ: عَبْدُ الوَهَّابِ بنُ نَجْدَةَ - وَهُوَ ثِقَةٌ - عَنْ إِسْمَاعِيْلَ، لَكِنَّ شُرَحْبِيْلَ أَرْسَلَ الحِكَايَةَ (1) .
وَيُرْوَى عَنْ مَالِكِ بنِ دِيْنَارٍ:
أَنَّ كَعْباً رَأَى أَبَا مُسْلِمٍ الخَوْلاَنِيَّ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟
قَالُوا: أَبُو مُسْلِمٍ.
فَقَالَ: هَذَا حَكِيْمُ هَذِهِ الأُمَّةِ (2) .
وَرَوَى: مَعْمَرٌ، عَنِ الزُهْرِيِّ، قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ الوَلِيْدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ، فَكَانَ يَتَنَاوَلُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - فَقُلْتُ:
يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، أَلاَ أُحَدِّثُكَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ كَانَ قَدْ أُوْتِيَ حِكْمَةً.
قَالَ: مَنْ هُوَ؟
قُلْتُ: أَبُو مُسْلِمٍ الخَوْلاَنِيُّ، سَمِعَ أَهْلَ الشَّامِ يَنَالُوْنَ مِنْ عَائِشَةَ، فَقَالَ:
أَلاَ أُخْبِرُكُم بِمَثَلِي وَمَثَلِ أُمِّكُمْ هَذِهِ؟ كَمَثَلِ عَيْنَيْنِ فِي رَأْسٍ تُؤْذِيَانِ صَاحِبَهُمَا، وَلاَ يَسْتَطِيْعُ أَنْ يُعَاقِبَهُمَا إِلاَّ بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ لَهُمَا، فَسَكَتَ.
فَقَالَ الزُهْرِيُّ: أَخْبَرَنِيْهِ أَبُو إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيُّ، عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ (3) .
قَالَ عُثْمَانُ بنُ أَبِي العَاتِكَةِ: عَلَّقَ أَبُو مُسْلِمٍ سَوْطاً فِي المَسْجِدِ، فَكَانَ يَقُوْلُ: أَنَا أَوْلَى بِالسَّوْطِ مِنَ البَهَائِمِ.
فَإِذَا فَتَرَ، مَشَقَ (4) سَاقَيْهِ سَوْطاً أَوْ سَوْطَيْنِ.
قَالَ: وَكَانَ يَقُوْلُ: لَوْ رَأَيْتُ الجَنَّةَ عِيَاناً، أَوِ النَّارَ عِيَاناً مَا كَانَ عِنْدِي مُسْتَزَادٌ.
__________
(1) أورده ابن عساكر في تاريخه 9 / 15 ب مطولا.
(2) ابن عساكر 9 / 16 آ.
(3) ابن عساكر 9 / 16 ب.
(4) مشقه: ضربه بسرعة.

الصفحة 9