كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 5)

حِيْنَ خَرَجَ مِنَ المَدِيْنَةِ، الْتَفَتَ إِلَيْهَا، فَبَكَى، ثُمَّ قَالَ:
يَا مُزَاحِمُ أَتَخْشَى (1) أَنْ نَكُوْنَ مِمَّنْ نَفَتْهُ المَدِيْنَةُ (2) .
ابْنُ إِسْحَاقَ: عَنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ أَبِي حَكِيْمٍ:
سَمِعْتُ عُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ يَقُوْلُ: خَرَجْتُ مِنَ المَدِيْنَةِ وَمَا مِنْ رَجُلٍ أَعْلَمَ مِنِّي، فَلَمَّا قَدِمْتُ الشَّامَ، نَسِيْتُ.
مَعْمَرٌ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ:
سَمَرْتُ مَعَ عُمَرَ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ لَيْلَةً، فَحَدَّثْتُهُ، فَقَالَ: كُلُّ مَا حَدَّثْتَهُ اللَّيْلَةَ فَقَدْ سَمِعْتُهُ، وَلَكِنَّكَ حَفِظْتَ وَنَسِيْنَا.
عُقَيْلٌ: عَنِ ابْنِ شِهَابٍ:
أَنَّ عُمَرَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ أَخْبَرَهُ: أَنَّ الوَلِيْدَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ بِالظَّهِيْرَةِ، فَوَجَدَهُ قَاطِباً بَيْنَ عَيْنَيْهِ.
قَالَ: فَجَلَسْتُ وَلَيْسَ عِنْدَهُ إِلاَّ ابْنُ الرَّيَّانِ، قَائِمٌ بِسَيْفِهِ، فَقَالَ: مَا تَقُوْلُ فِيْمَنْ يَسُبُّ الخُلَفَاءَ؟ أَتَرَى أَنْ يُقْتَلَ؟
فَسَكَتُّ، فَانْتَهَرَنِي، وَقَالَ: مَا لَكَ؟
فَسَكَتُّ، فَعَادَ لِمِثْلِهَا، فَقُلْتُ: أَقَتَلَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ؟!
قَالَ: لاَ، وَلَكِنَّهُ سَبَّ الخُلَفَاءَ.
قُلْتُ: فَإِنِّي أَرَى أَنْ يُنَكَّلَ.
فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى ابْنِ الرَّيَّانِ، فَقَالَ: إِنَّهُ فِيْهِمْ لَنَابِهٌ.
عَنْ عَبْدِ العَزِيْزِ بنِ يَزِيْدَ الأَيْلِيِّ، قَالَ:
حَجَّ سُلَيْمَانُ، وَمَعَهُ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ، فَأَصَابَهُمْ بَرْقٌ وَرَعْدٌ حَتَّى كَادَتْ تَنْخَلِعُ قُلُوْبُهُم، فَقَالَ سُلَيْمَانُ: يَا أَبَا حَفْصٍ، هَلْ رَأَيْتَ مِثْلَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ قَطُّ، أَوْ سَمِعْتَ بِهَا؟
قَالَ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، هَذَا صَوْتُ رَحْمَةِ اللهِ، فَكَيْفَ لَوْ سَمِعْتَ صَوْتَ عَذَابِ اللهِ!؟
وَرَوَى: ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ رَجُلٍ:
قَالَ عُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ: مَا كَذَبْتُ مُنْذُ عَلِمْتُ أَنَّ الكَذِبَ يَضُرُّ أَهْلَهُ.
عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ المَاجِشُوْنِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ دِيْنَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ:
قَالَ عُمَرُ: إِنَّا كُنَّا نَتَحَدَّثُ، وَفِي لَفْظٍ: يَزْعُمُ النَّاسُ أَنَّ الدُّنْيَا لاَ تَنْقَضِي حَتَّى
__________
(1) في البداية 9 / 195: نخشى.
(2) الموطأ 2 / 889 في الجامع: باب ما جاء في سكن المدينة والخروج منها.

الصفحة 121