كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 7)

تَشَابَهَ يَوْمَا بَأْسِهِ وَنَوَالِهِ ... فَمَا أَحَدٌ يَدْرِي لأَيِّهِمَا الفَضْلُ (1)
فَأَمَرَ لَهُ بِمائَةِ أَلْفٍ وَثَلاَثِيْنَ أَلْفاً.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ قَالَ لإِبْرَاهِيْمَ المَوْصِلِيِّ: إِنْ أَطْرَبْتَنِي، فَاحْتَكِمْ.
فَأَطْرَبَهُ، فَأَعْطَاهُ سَبْعَمائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ.
وَكَانَ يَشْرَبُ المُسْكِرَ، وَفِيْهِ ظُلمٌ، وَشَهَامَةٌ، وَلَعِبٌ، وَرُبَّمَا رَكِبَ حِمَاراً فَارهاً، وَكَانَ شُجَاعاً، فَصِيْحاً، لَسِناً، أَدِيْباً، مَهِيْباً، عَظِيْمَ السَّطوَةِ.
قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: كَانَ سَبَبُ مَوْتِهِ أَنَّهُ دَفَعَ نَدِيْماً لَهُ مِنْ جُرْفٍ، عَلَى أُصُوْلِ قَصَبٍ قَدْ قُطِعَ، فَتعلَّقَ بِهِ النَّدِيْمُ، فَوَقَعَ مَعَهُ، فَدَخَلَتْ قَصَبَةٌ فِي دُبُرِهِ، فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ مَوْتِهِ، فَهَلَكَا جَمِيْعاً.
قُلْتُ: مَاتَ فِي شَهْرِ رَبِيْعٍ الآخِرِ، سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَمائَةٍ، وَعُمُرُهُ ثَلاَثٌ وَعِشْرُوْنَ سَنَةً، وَكَانَتْ خِلاَفَتُهُ سَنَةً وَشَهْراً، وَقَامَ بَعْدَهُ الرَّشِيْدُ.
وَكَانَ المَهْدِيُّ قَدْ عَزَمَ عَلَى تَقْدِيْمِ الرَّشِيْدِ فِي وِلاَيَةِ العَهْدِ، وَأَنْ يُؤَخَّرَ الهَادِي (2) ، فَلَمَّا نَفَذَ إِلَى الهَادِي، فَامْتَنَعَ، فَطَلَبَهُ، فَلَمْ يَأْتِ، فَهَمَّ المَهْدِيُّ بِالمُضِيِّ إِلَى جُرْجَانَ
__________
(1) جاء في " الأغاني ": 10 / 80، ما نصه: " دخل مروان بن أبي حفصة على موسى الهادي، فأنشده قوله: تشابه يوما بأسه ... البيت فقال له الهادي: أيما أحب إليك: أثلاثون ألفا معجلة، أم مئة تدون في الدواوين؟ فقال له: يا أمير المؤمنين! أنت تحسن ما هو خير من هذا، ولكنك نسيته، أفتأذن لي أن أذكرك؟ قال: نعم.
قال: تعجل لي الثلاثين ألفا، وتدون المئة الالف في الدواوين.
فضحك، وقال: بل يعجلان جميعا، فحمل إليه المال أجمع ".
وهو في " تاريخ بغداد ": 13 / 23، و: " البداية والنهاية ": 10 / 159.
بنحوه.
وفي " وفيات الأعيان ": 5 / 190: أن البيت من قصيدة قالها مروان بن أبي حفصة في مدح معن بن زائدة.
(2) انظر: " البداية والنهاية ": 10 / 157.

الصفحة 442