كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 7)

مَعَ أَيُّوْبَ، وَمَعَنَا مَعْمَرٌ فِي مَسْجِدٍ، فَأَتَى رَجُلٌ، فَسَأَلَ أَيُّوْبَ عَنْ رَجُلٍ افْتَرَى عَلَى رَجُلٍ، فَحَلَفَ بِصَدَقَةِ مَالِهِ لاَ يَدَعُهُ حَتَّى يَأْخُذَ مِنْهُ الحَدَّ.
قَالَ: فَطُلِبَ إِلَيْهِ فِيْهِ، وَطَلَبَتْ إِلَيْهِ أُمُّه فِيْهِ.
فَجَعَلَ أَيُّوْبُ يُوْمِئُ إِلَى مَعْمَرٍ، وَيَقُوْلُ: هَذَا يُفْتِيْكَ عَنِ اليَمِيْنِ.
قَالَ: فَلَمَّا أَكْثَرَ عَلَيْهِ، قَالَ مَعْمَرٌ: سَمِعْتُ ابْنَ طَاوُوْسٍ، عَنْ أَبِيْهِ: أَنَّهُ يُرَخِّصُ فِي تَرْكِهِ.
قَالَ أَيُّوْبُ: وَأَنَا سَمِعْتُ عَطَاءً يُرَخِّصُ فِي تَرْكِه.
قَالَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ عَمْرٍو الرَّقِّيُّ: كُنْتُ بِالبَصْرَةِ أَنْتَظِرُ قُدُوْمَ أَيُّوْبَ مِنْ مَكَّةَ، فَقَدِمَ عَلَيْنَا مُزَامِلاً لِمَعْمَرِ بنِ رَاشِدٍ، قَدِمَ مَعْمَرٌ يَزُورُ أُمَّهُ.
قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: قِيْلَ لِلثَّوْرِيِّ: مَا مَنَعَكَ مِنَ الزُّهْرِيِّ؟
قَالَ: قِلَّةُ الدَّرَاهِمِ، وَقَدْ كَفَانَا مَعْمَرٌ (1) .
قَالَ الوَاقِدِيُّ: كُنْتُ أَكُوْنُ مَعَ مَعْمَرٍ، وَمَعَنَا الثَّوْرِيُّ، فَنَخْرُجُ مِنْ عِنْدِ أَبِي عُرْوَةَ، فَنُحَدِّثُ عَنْهُ.
أَحْمَدُ فِي (مُسْنَدِهِ) ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ:
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: إِنَّ مَعْمَراً شَرِبَ مِنَ العِلْمِ بِأَنْقُعٍ (2) .
قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: الأَنْقُعُ: جَمْعُ: نَقْعٍ، وَهُوَ هَا هُنَا: مَا يُسْتَنْقَعُ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ العِجْلِيُّ: مَعْمَرٌ: ثِقَةٌ، رَجُلٌ صَالِحٌ، بَصْرِيٌّ، سَكَنَ صَنْعَاءَ، وَتَزَوَّجَ بِهَا، وَرَحَلَ إِلَيْهِ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: قَالَ هِشَامُ بنُ يُوْسُفَ:
أَقَامَ مَعْمَرٌ عِنْدَنَا عِشْرِيْنَ سَنَةً، مَا رَأَيْنَا لَهُ كِتَاباً -يَعْنِي: كَانَ يُحَدِّثُهُم مِنْ حِفْظِهِ-.
قَالَ ابْنُ مَعِيْنٍ: بَلَغَنِي أَنَّ أَيُّوْبَ شَيَّعَ مَعْمَراً، وَصَنَعَ لَهُ سُفْرَةً.
__________
(1) سيكرر الخبر في الصفحة: 246، ترجمة سفيان الثوري، فانظره.
(2) يقال لمن جرب الأمور ومارسها حتى عرفها وخبرها، وقال ابن الأثير: أي: أنه ركب في طلب الحديث كل حزن، وكتب من كل وجه، وفي حاشية الأصل ما نصه: وقيل بأنقع أي بكأس أنقع.

الصفحة 8