كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 8)

قُلْتُ: إِنْ صحَّ هَذَا، فَهَذَا كَانَ قَبْلَ خِلاَفَةِ هَارُوْنَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ العَبْدِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ بُكَيْرٍ، يُحَدِّثُ عَنْ يَعْقُوْبَ بنِ دَاوُدَ وَزِيْرِ المَهْدِيِّ، قَالَ:
قَالَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ لَمَّا قَدِمَ اللَّيْثُ العِرَاقَ: الْزَمْ هَذَا الشَّيْخَ، فَقَدْ ثَبَتَ عِنْدِي أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ أَعْلَمُ بِمَا حَمَلَ مِنْهُ (1) .
الفَسَوِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ:
قَالَ اللَّيْثُ: قَالَ لِي أَبُو جَعْفَرٍ: تَلِي لِي مِصْرَ؟
قُلْتُ: لاَ يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، إِنِّيْ أَضْعُفُ عَنْ ذَلِكَ، إِنِّيْ رَجُلٌ مِنَ المَوَالِي.
فَقَالَ: مَا بِكَ ضَعفٌ مَعِي، وَلَكِنْ ضَعُفَتْ نِيَّتُكَ فِي العَمَل لِي (2) .
وَحَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ:
قَالَ عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ مُحَمَّدٍ: رَأَيْتُ اللَّيْثَ عِنْدَ رَبِيْعَةَ يُنَاظِرُهُم فِي المَسَائِلِ، وَقَدْ فَرْفَرَ أَهْلَ الحَلْقَةِ (3) .
أَبُو إِسْحَاقَ بنُ يُوْنُسَ الهَرَوِيُّ: حَدَّثَنَا الدَّارِمِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا شُرَحْبِيْلُ بنُ جَمِيْلٍ، قَالَ:
أَدْرَكْتُ النَّاسَ أَيَّامَ هِشَامٍ الخَلِيْفَةِ، وَكَانَ اللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ حَدَثَ السِّنِّ، وَكَانَ بِمِصْرَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ أَبِي جَعْفَرٍ، وَجَعْفَرُ بنُ رَبِيْعَةَ، وَالحَارِثُ بنُ يَزِيْدَ، وَيَزِيْدُ بنُ أَبِي حَبِيْبٍ، وَابْنُ هُبَيْرَةَ، وَإِنَّهُم يَعْرِفُوْنَ لِلَّيْثِ فَضْلَه وَوَرَعَهُ وَحُسْنَ إِسْلاَمِه عَنْ حَدَاثَةِ سِنِّه.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ بُكَيْرٍ: لَمْ أَرَ مِثلَ اللَّيْثِ.
وَرَوَى: عَبْدُ المَلِكِ بنُ يَحْيَى بنِ بُكَيْرٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَكمَلَ مِنَ اللَّيْثِ.
__________
(1) " تاريخ بغداد " 13 / 5.
(2) " المعرفة والتاريخ " 2 / 441، 442، و" تاريخ بغداد " 13 / 5.
(3) " تاريخ بغداد " 13 / 5، وفرفر أهل الحلقة: كسرهم، وغلبهم بحجته، وإذا جعلت " أهل " فاعل لفرفر، فيكون المعنى: إن أهل الحلقة استبد بهم الطيش والخفة لقوة عارضة الليث، وبراعة استدلاله.

الصفحة 146