كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 8)

بنُ حَرْبٍ؟
فَقَالَ: ثِقَةٌ، ثِقَةٌ.
قُلْتُ: وَكَانَ بَقِيَّةُ شَيْخاً حِمْصِيّاً مَزَّاحاً.
قَالَ أَبُو التَّقِيِّ اليَزَنِيُّ: سَمِعْتُ بَقِيَّةَ يَقُوْلُ: مَا أَرْحَمَنِي لِيَوْمِ الثُّلاَثَاءِ، مَا يَصُوْمُهُ أَحَدٌ.
ابْنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ، سَمِعْتُ بَرَكَةَ بنَ مُحَمَّدٍ الحَلَبِيَّ يَقُوْلُ:
كُنَّا عِنْدَ بَقِيَّةَ فِي غُرْفَةٍ، فَسَمِعَ النَّاسَ يَقُوْلُوْنَ: لاَ، لاَ.
فَأَخْرَجَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّوْزَنَةِ، وَجَعَلَ يَصِيْحُ مَعَهُم: لاَ، لاَ.
فَقُلْنَا: يَا أَبَا يُحْمِدَ، سُبْحَانَ اللهِ! أَنْتَ إِمَامٌ يُقْتَدَى بِكَ!
قَالَ: اسْكُتْ، هَذِهِ سُنَّةُ بَلَدِنَا.
بَرَكَةُ: وَاهٍ.
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيُّ الحَافِظُ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ خَالِدٍ البَرْدَعِيُّ بِمَكَّةَ، حَدَّثَنَا عَطِيَّةُ بنُ بَقِيَّةَ، قَالَ:
قَالَ أَبِي: دَخَلْتُ عَلَى هَارُوْنَ الرَّشِيْدِ، فَقَالَ لِي: يَا بَقِيَّةُ! إِنِّيْ أُحِبُّكَ.
فَقُلْتُ: وَلأَهْلِ بَلَدِي يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ؟
قَالَ: إِنَّهُم جُنْدُ سُوءٍ، لَهُم كَذَا كَذَا غَدْرَةً.
ثُمَّ قَالَ: حَدِّثْنِي.
فَقُلْتُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أَنَا سَابِقُ العَرَبِ ... ) ، وَذَكَرَ الحَدِيْثَ.
فَقَالَ: زِدنِي.
فَقُلْتُ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ:
قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (وَعَدَنِي رَبِّي أَنْ يُدْخِلَ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعِيْنَ أَلْفاً، مَعَ كُلِّ أَلْفٍ سَبْعِيْنَ أَلْفاً، وَثَلاَثَ حَثَيَاتٍ مِنْ حَثَيَاتِ رَبِّي (1)) .
قَالَ: فَامْتَلأَ مِنْ ذَلِكَ فَرَحاً، وَقَالَ: يَا غُلاَمُ! الدَّوَاةَ.
وَكَانَ القَيِّمُ بِأَمرِهِ الفَضْلُ
__________
(1) وأخرجه أحمد 5 / 268، من طريق أبي اليمان، وأخرجه الترمذي (2437) من طريق الحسن بن عرفة، وابن ماجه (4286) ، من طريق هشام بن عمار، ثلاثتهم عن إسماعيل بن عياش، عن محمد بن زياد الالهاني، عن أبي أمامة الباهلي.
وهذا سند قوي، فإن إسماعيل بن عياش روايته عن أهل بلده مستقيمة، وهذا منها.

الصفحة 531