كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 9)

إِسْمَاعِيْلُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، أَخْبَرَنَا أَيُّوْبُ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ:
مَكَثتُ عِشْرِيْنَ سَنَةً يُحَدِّثُنِي مَنْ لاَ أَتَّهِمُ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَه ثَلاَثاً وَهِيَ حَائِضٌ، فَأُمِرَ أَنْ يُرَاجِعَهَا، فَجَعَلْتُ لاَ أَتَّهِمُهُم، وَلاَ أَعْرِفُ الحَدِيْثَ، حَتَّى لَقِيْتُ أَبَا غَلاَّبٍ يُوْنُسَ بنَ جُبَيْرٍ البَاهِلِيَّ - وَكَانَ ذَا ثَبْتٍ (1) - فَحَدَّثَنِي: أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ، فَحَدَّثَهُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً وَهِيَ حَائِضٌ، فَأُمِرَ أَنْ يُرَاجِعَهَا.
قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: أَفَحُسِبَتْ عَلَيْهِ؟
قَالَ: فَمَهْ، أَوَ إِنْ عَجَزَ (2) .
قَالَ أَحْمَدُ، وَالفَلاَّسُ، وَزِيَادُ بنُ أَيُّوْبَ، وَمَحْمُوْدُ بنُ خِدَاشٍ، وَطَائِفَةٌ: مَاتَ ابْنُ عُلَيَّةَ فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ وَمائَةٍ.
وَقَالَ يَعْقُوْبُ السَّدُوْسِيُّ: ابْنُ عُلَيَّةَ: ثَبْتٌ جِدّاً، تُوُفِّيَ يَوْمَ الثُّلاَثَاءِ،
__________
(1) أي: متثبتا.
(2) إسناده صحيح، وأخرجه مسلم (1471) (7) في الطلاق: باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها وأنه لو خالف وقع الطلاق، من طريق علي بن حجر السعدي، عن إسماعيل بن إبراهيم بهذا الإسناد، وأخرجه البخاري 9 / 426 في النكاح: باب مراجعة الحائض من طريق حجاج، حدثنا يزيد بن إبراهيم، حدثنا محمد بن سيرين، حدثني يونس ابن جبير: سألت ابن عمر، فقال: طلق ابن عمر امرأته وهي حائض، فسأل عمر النبي صلى الله عليه وسلم، قال: " مره فليراجعها، ثم يطلق من قبل عدتها " قلت: أفتعتد بتلك التطليقة؟ قال: " أرأيت إن عجز واستحمق ".
والحديث أخرجه مالك في " الموطأ " 2 / 576، ومن طريقه
البخاري 9 / 301 و306 في الطلاق: باب إذا طلقت الحائض تعتد بذلك الطلاق، ومسلم (1471) ، وأبو داود (2179) ، والنسائي 6 / 138، وأخرجه الترمذي (1175) من طريق حماد بن زيد، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن يونس بن جبير.
وقوله (فمه) : قال الحافظ في " الفتح ": أصله فما، وهو استفهام فيه اكفتاء، أي فمن تكون إن لم تحتسب، ويحتمل أن تكون الهاء أصلية، وهي كلمة تقال للزجر، أي: كف عن هذا الكلام، فإنه لا بد من وقوع الطلاق بذلك.
قال ابن عبد البر: قول ابن عمر: فمه، معناه: فأي شيء يكون إذا لم يعتد بها، إنكارا لقول السائل: أيعتد بها؟ فكأنه قال: وهل من ذلك بد؟ وقوله: أرأيت إن عجز واستحمق، أي: إن عجز عن فرض فلم يقمه، أو استحمق فلم يأت به، أيكون ذلك عذرا له؟ !.
وانظر في فقه هذا الحديث لزاما " زاد المعاد " 5 / 218 - 240، نشر مؤسسة الرسالة و" فتح الباري " 9 / 307 - 310.

الصفحة 119