كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 9)

قَالَ حَنْبَلُ بنُ إِسْحَاقَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ عِنْدَ مَرْوَانَ بنِ مُعَاوِيَةَ لَوْحاً فِيْهِ أَسْمَاءُ شُيُوْخٍ: فُلاَنٌ رَافِضِيٌّ، وَفُلاَنٌ كَذَا، وَوَكِيْعٌ رَافِضِيٌّ، فَقُلْتُ لِمَرْوَانَ: وَكِيْع خَيْرٌ مِنْكَ.
قَالَ: مِنِّي؟
قُلْتُ: نَعَمْ.
فَسَكَتَ، وَلَوْ قَالَ لِي شَيْئاً، لَوَثَبَ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ عَلَيْهِ.
قَالَ: فَبَلَغَ ذَلِكَ وَكِيْعاً، فَقَالَ: يَحْيَى صَاحِبُنَا، وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ يَعْرِفُ لِي، وَيُرَحِّبُ (1) .
قُلْتُ: مَرَّ قَوْلُ أَحْمَدَ: إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ يَسْلَمُ مِنْهُ السَّلَفُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ وَكِيْعاً فِيْهِ تَشَيُّعٌ يَسِيْرٌ، لاَ يَضُرُّ - إِنْ شَاءَ اللهُ - فَإِنَّهُ كُوْفِيٌّ فِي الجُمْلَةِ، وَقَدْ صَنَّفَ كِتَابَ (فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ) ، سَمِعْنَاهُ قَدَّمَ فِيْهِ بَابَ مَنَاقِبِ عَلِيٍّ عَلَى مَنَاقِبِ عُثْمَانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا-.
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عُفَيْرٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بنُ سِنَانٍ، قَالَ:
كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ لاَ يُتَحَدَّثُ فِي مَجْلِسِهِ، وَلاَ يَقُوْمُ أَحَدٌ وَلاَ يُبْرَى فِيْهِ قَلَمٌ، وَلاَ يَتَبَسَّمُ أَحَدٌ، وَكَانَ وَكِيْعٌ يَكُوْنُوْنَ فِي مَجْلِسِهِ كَأَنَّهُم فِي صَلاَةٍ، فَإِنْ أَنْكَرَ مِنْ أَمرِهِم شَيْئاً، انْتَعَلَ، وَدَخَلَ، وَكَانَ ابْنُ نُمَيْرٍ يَغْضَبُ وَيَصِيْحُ، وَإِنْ رَأَى مَنْ يَبرِي قَلَماً، تَغَيَّرَ وَجْهُهُ غَضَباً.
قَالَ تَمِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ الطُّوْسِيُّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بنَ حَنْبَلٍ يَقُوْلُ: عَلَيْكُم بِمُصَنَّفَاتِ وَكِيْعٍ.
مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مَسْعُوْدٍ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، سَمِعْتُ أَبِي يَقُوْلُ: أَخْطَأَ وَكِيْعٌ فِي خَمْسِ مائَةِ حَدِيْثٍ.
وَقَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: كَانَ وَكِيْعٌ يَلْحَنُ، وَلَوْ حَدَّثْتُ عَنْهُ
__________
(1) الخبر في " تاريخ بغداد " 13 / 470.

الصفحة 154