كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 9)

جَاءنَا.
قَالَ: فَوَثَبُوا بِي، وَقَالُوا: أَلَمْ نَقُلْ لَكَ إِنَّمَا جَاءَ لِيُفْسِدَ عَلَيْكَ حَدِيْثَكَ؟
قَالَ: فَوَثَبَ بِي البَغْدَادِيُّوْنَ، وَتَعَصَّبَ لِي قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الرَّيِّ، حَتَّى كَانَ بَيْنَهُم شَرٌّ شَدِيْدٌ.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُحَمَّدٍ: فَقُلْتُ لِعُثْمَانَ بنِ أَبِي شَيْبَةَ: حَدِيْثُ طَلاَقِ الأَخرَسِ عَمَّنْ هُوَ عِنْدَكَ؟
قَالَ: عَنْ جَرِيْرٍ، عَنْ مُغِيْرَةَ قَوْله.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: وَكَانَ عُثْمَانُ يَقُوْلُ لأَصْحَابِنَا: إِنَّمَا كَتَبْنَا عَنْ جَرِيْرٍ مِنْ كُتُبِهِ.
فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا الحَسَنِ! كَتَبْتُم عَنْ جَرِيْرٍ مِنْ كُتُبِهِ؟
قَالَ: فَمِنْ أَيْنَ؟! وَجَعَلَ يَرُوْغُ.
قُلْتُ لَهُ: مَنْ أُصُوْلِهِ، أَوْ مِنْ نُسَخٍ؟
فَجَعَلَ يَحِيْدُ، وَيَقُوْلُ: مِنْ كُتُبٍ.
فَقُلْتُ: نَعَمْ، كَتَبْتُم عَلَى الأَمَانَةِ مِنَ النُّسَخِ؟
فَقَالَ: كَانَ أَمْرُهُ عَلَى الصِّدْقِ، وَإِنَّمَا حَدَّثَنَا أَصْحَابُنَا أَنَّ جَرِيْراً قَالَ لَهُم حِيْنَ قَدِمُوا عَلَيْهِ - وَكَانَتْ كُتُبُهُ تَلِفَتْ -: هَذِهِ نُسْخَةٌ أُحَدِّثُ بِهَا عَلَى الأَمَانَةِ، وَلَسْتُ أَدْرِي، لَعَلَّ لَفْظاً يُخَالِفُ لَفظاً (1) ، وَإِنَّمَا هِيَ عَلَى الأَمَانَةِ.
عَبَّاسٌ: عَنْ يَحْيَى، سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ يَقُوْلُ:
قَالَ لِي ابْنُ شُبْرُمَةَ: عَجَباً لِهَذَا الرَّازِيِّ (2) ! عَرَضتُ عَلَيْهِ أَنْ أُجْرِيَ عَلَيْهِ مائَةَ دِرْهَمٍ فِي الشَّهرِ مِنَ الصَّدَقَةِ، فَقَالَ: يَأْخُذُ المُسْلِمُوْنَ كُلُّهُم مِثْلَ هَذَا؟
قُلْتُ: لاَ.
قَالَ: فَلاَ حَاجَةَ لِي فِيْهَا.
ثُمَّ قَالَ يَحْيَى: وَسَمِعْتُ جَرِيْراً يَقُوْلُ:
عُرِضَتْ عَلَيَّ بِالكُوْفَةِ أَلْفَا دِرْهَمٍ يُعطُونِي مَعَ القُرَّاءِ، فَأَبَيْتُ، ثُمَّ جِئْتُ اليَوْمَ أَطْلُبُ مَا عِنْدَهُم، أَوْ مَا فِي أَيْدِيْهِم!
قُلْتُ: يُزْرِي بِذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ.
__________
(1) سقط من الأصل، واستدرك من " تهذيب الكمال ": 193.
(2) تحرف في " ميزان المؤلف " المطبوع 1 / 394 إلى " الراوي ".

الصفحة 16