كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 9)

قَالَ سَعِيْدُ بنُ عَمْرٍو البَرْذَعِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى النَّيْسَابُوْرِيُّ، قَالَ:
قُلْتُ لأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ فِي عَلِيِّ بنِ عَاصِمٍ، وَذَكَرْتُ لَهُ خَطَأَه، فَقَالَ: كَانَ حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ يُخْطِئُ - وَأَوْمَأَ أَحْمَدُ بِيَدِهِ - خَطَأً كَثِيْراً، وَلَمْ نَرَ بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ بَأْساً (1) .
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ: وَكَانَ يَسْتَصغِرُ النَّاسَ وَيَزْدَرِيهِم.
قَالَ الأَصَمُّ: حَدَّثَنَا الخَضِرُ بنُ أَبَانٍ، سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ عَاصِمٍ يَقُوْلُ:
خَرَجْتُ مِنْ وَاسِطَ أَنَا وَهُشَيْمٌ إِلَى الكُوْفَةِ؛ لِلُقِيِّ مَنْصُوْرٍ، فَلَمَّا خَرَجْتُ فَرَاسِخَ، لَقِيَنِي أَبُو مُعَاوِيَةَ، فَقُلْتُ: أَيْنَ تُرِيْدُ؟
قَالَ: أَسعَى فِي دَيْنٍ عَلَيَّ.
فَقُلْتُ: ارْجِعْ مَعِي، فَإِنَّ عِنْدِي أَرْبَعَةَ آلاَفٍ، أُعْطِيْكَ مِنْهَا أَلْفَيْنِ.
فَرَجَعتُهُ، فَأَعْطَيْتُهُ أَلفَينِ، ثُمَّ خَرَجْتُ، فَدَخَلَ هُشَيْمٌ الكُوْفَةَ غَدَاةً، وَدَخَلْتُهَا العَشِيَّ، فَذَهَبَ، فَسَمِعَ مِنْ مَنْصُوْرٍ أَرْبَعِيْنَ حَدِيْثاً، وَدَخَلْتُ أَنَا الحَمَّامَ، ثُمَّ أَصْبَحتُ، فَأَتَيْتُ بَابَ مَنْصُوْرٍ، فَإِذَا جِنَازَتَهُ، فَقَعَدْتُ أَبْكِي.
فَقَالَ شَيْخٌ هُنَاكَ: يَا فَتَى! مَا يُبْكِيْكَ؟
قُلْتُ: قَدِمْتُ لأَسْمَعَ مِنْ هَذَا الشَّيْخِ، فَمَاتَ.
قَالَ: فَأَدُلُّكَ عَلَى مَنْ شَهِدَ عُرْسَ أُمِّ ذَا؟
قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: اكْتُبْ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ... فَجَعَلتُ أَكتُبُ شَهْراً، فَقُلْتُ: مَنْ أَنْتَ؟
قَالَ: أَنَا حُصَيْنُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَا كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَنْ أَلْقَى ابْنَ عَبَّاسٍ إِلاَّ تِسْعَةَ دَرَاهِمَ، وَكَانَ عِكْرِمَةُ يَسْمَعُ مِنْهُ، ثُمَّ يَجِيْءُ فَيُحَدِّثُنِي.
قَالَ ابْنُ المَدِيْنِيِّ: كَانَ عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ كَثِيْرَ الغَلَطِ، وَإِذَا رُدَّ عَلَيْهِ، لَمْ يَرْجِعْ، وَكَانَ مَعْرُوْفاً فِي الحَدِيْثِ، وَيَرْوِي أَحَادِيْثَ مُنْكَرَةً، وَبَلَغَنِي أَنَّ ابْنَهُ قَالَ لَهُ: هَبْ لِي مِنْ حَدِيْثِكَ عِشْرِيْنَ حَدِيْثاً، فَأَبَى (2) .
__________
(1) " شرح علل الترمذي " للحافظ ابن رجب. 1 / 113.
(2) " تاريخ بغداد " 11 / 453.

الصفحة 253