كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 9)

فَلْيَتَمَنَّ مَا هَذَا فِيْهِ، فَوَاللهِ لَقَدْ تَمنِيتُ أَنِّي كُنْتُ متُّ قَبْلَ أَنْ أَلِيَ القَضَاءَ.
وَقَالَ بِشْرٌ الحَافِي: قَالَ حَفْصُ بنُ غِيَاثٍ: لَوْ رَأَيْتُ أَنِّي أُسَرُّ بِمَا أَنَا فِيْهِ، لَهَلَكْتُ.
أَخْبَرَنَا المُسَلَّمُ بنُ مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِهِ، أَخْبَرَنَا الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا القَزَّازُ، أَخْبَرَنَا الخَطِيْبُ، أَخْبَرَنَا القَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ رَوْحٍ، قَالاَ:
أَخْبَرَنَا المُعَافَى بنُ زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنِي أَبُو عَلِيٍّ بنُ عِلاَّنَ إِمْلاَءً سَنَةَ 266، حَدَّثَنِي يَحْيَى بنُ اللَّيْثِ،
قَالَ: بَاعَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ جِمَالاً بِثَلاَثِيْنَ أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ مَرْزُبَانَ المَجُوْسِيِّ، وَكِيلِ أُمِّ جَعْفَرٍ، فَمطَلَهُ بِثمَنِهَا، وَحَبَسَهُ، فَطَالَ ذَلِكَ عَلَى الرَّجُلِ، فَأَتَى بَعْضُ أَصْحَابِ حَفْصِ بنِ غِيَاثٍ، فَشَاوَرَهُ.
فَقَالَ: اذْهبْ إِلَيْهِ، فَقُلْ لَهُ: أَعْطنِي أَلفَ دِرْهَمٍ، وَأُحِيْلُ عَلَيْكَ بِالمَالِ البَاقِي، وَأَخْرُجُ إِلَى خُرَاسَانَ، فَإِذَا فَعلَ هَذَا فَالْقَنِي حَتَّى أُشِيْرَ عَلَيْكَ.
فَفَعَلَ الرَّجُلُ، وَأَعْطَاهُ مَرْزُبَانُ أَلفَ دِرْهَمٍ.
قَالَ: فَأَخْبَرَهُ.
فَقَالَ: عُدْ إِلَيْهِ، فَقُلْ: إِذَا ركبتَ غَداً، فَطَرِيْقُكَ عَلَى القَاضِي، تَحضُرُ، وَأُوكِلُ رَجُلاً يَقبِضُ المَالَ، وَأَخرُجُ، فَإِذَا جَلَسَ إِلَى القَاضِي فَادَّعِ عَلَيْهِ بِمَالِكَ، فَإِذَا أَقرَّ، حبسَهُ حَفْصٌ، وَأَخَذْتَ مَالَكَ.
فَرَجَعَ إِلَى مَرْزُبَانَ، وَسَأَلَهُ، فَقَالَ: انْتظِرْنِي بِبَابِ القَاضِي.
فَلَمَّا ركبَ مِنَ الغَدِ، وَثَبَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ، فَقَالَ: إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَنزِلَ إِلَى القَاضِي حَتَّى أُوكِلَ بِقبضِ المَالِ، وَأَخْرَجَ.
فَنَزَلَ مَرْزُبَانُ، فَتَقَدَّمَا إِلَى حَفْصِ بنِ غِيَاثٍ.
فَقَالَ الرَّجُلُ: أَصْلَحَ اللهُ القَاضِي، لِي عَلَى هَذَا الرَّجُلِ تِسْعَةٌ وَعِشْرُوْنَ أَلفَ دِرْهَمٍ.
فَقَالَ حَفْصٌ: مَا تَقُوْلُ يَا مَجُوْسِيُّ؟
قَالَ: صدقَ، أَصْلَحَ اللهُ القَاضِي.
قَالَ: مَا تَقُوْلُ يَا رَجُلُ، فَقَدْ أَقَرَّ لَكَ؟
قَالَ: يُعطِيْنِي مَالِي.
فَقَالَ: مَا تَقُوْلُ؟
قَالَ: هَذَا المَالُ عَلَى

الصفحة 28