كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 9)

تَزَوَّجْتُهَا، وَأَمْهَرْتُهَا دَارِي.
فَقَالَ جَعْفَرٌ: انْهضْ بِنَا.
فَدَعَوْتُ الحَمَّالِيْنَ لنقلِ الذَّهبِ، فَقَالَ جَعْفَرٌ: وَاللهِ لاَ صَحِبْنَا مِنْهُ دِرْهَمٌ، وَقَالَ لمَوْلاَهَا: أَنْفِقْهُ عَلَيْكُمَا (1) .
قِيْلَ: كَانَ فِي خَزَائِنِ جَعْفَرٍ دَنَانِيْرَ، زِنَةُ الوَاحِدِ مائَةُ مِثْقَالٍ، كَانَ يَرمِي بِهَا إِلَى أَصطحَةِ النَّاسِ سِكَّتَهُ.
وَأَصْفَرَ مِنْ ضَرْبِ دَارِ المُلُوْكِ ... يَلُوحُ عَلَى وَجْهِهِ جَعْفَرُ
يَزِيْدُ عَلَى مائَةٍ وَاحِداً ... مَتَى يُعْطَه مُعْسِرٌ يُوْسِرُ (2)
وَقِيْلَ: بَلِ الشِّعْر لأَبِي العتَاهِيَةِ، وَكَانَ عَلَى الدِّيْنَارِ صُوْرَةُ جَعْفَرٍ.
قَالَ صَاحِبُ الأَغَانِي: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ الرَّبِيْعِ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ جَعْفَرٍ قَالَ: شَهِدتُ أَبِي يُحَدِّثُ جَدِّي وَأَنَا صَغِيْر، قَالَ: أَخذَ بِيَدِي أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ، فَأَقْبَلَ يَخترقُ الحُجَرَ، حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى حُجْرَةٍ، فَفَتَحَهَا، وَدَخَلْنَا، فَأَغْلَقَهَا، وَقَعَدْنَا عَلَى بَابٍ وَنَقَرَهُ، فَسَمِعْتُ صَوْتَ عُوْدٍ، فَغَنَّتِ امْرَأَةٌ، فَأَجَادَت، فَطربتُ وَاللهِ، ثُمَّ غَنَّتْ، فَرَقَصْنَا مَعاً، وَخرجنَا، فَقَالَ لِي: أَتعرِفُ هَذِهِ؟
قُلْتُ: لاَ.
قَالَ: عُلَيَّةُ أُخْتِي، وَاللهِ لَئِنْ لفَظْتَ بِهِ لأَقتلَنَّكَ.
فَقَالَ لَهُ جَدِّي: فَقَدْ لفظْتَ بِهِ، وَاللهِ لَيَقتُلَنَّكَ (3) .
وَقِيْلَ: إِنَّ امْرَأَةً كِلاَبِيَّةً أَنشدَتْ جَعْفَراً:
إِنِّيْ مَرَرْتُ عَلَى العقِيْقِ وَأَهْلُهُ ... يَشكُوْنَ مِنْ مَطَرِ الرَّبِيْعِ نُزُورَا
__________
(1) القصة مطولة في " تاريخ بغداد " 7 / 155.
(2) " تاريخ بغداد " 7 / 156، وقوله " سكته " أي: أنه هو الذي سك تلك الدنانير، والسكة: حديدة منقوشة تضرب عليها النقود.
(3) " الاغاني " 10 / 188، 189 في أخبار علية بنت المهدي.

الصفحة 63