كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 10)

المُشْتَرِي خَرَجَ مِنْ فَرْجِهَا، حَتَّى انْقَضَّ بِمِصْرَ، ثُمَّ وَقَعَ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ مِنْهُ شَظِيَّةٌ، فَتَأَوَلَّهُ المُعَبِّرُوْنَ أَنَّهَا تَلِدُ عَالِماً، يَخُصُّ عِلْمَهُ أَهْلَ مِصْرَ، ثُمَّ يَتَفَرَّقُ فِي البُلْدَانِ (1) .
هَذِهِ رِوَايَةٌ مُنْقَطِعَةٌ.
وَعَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ الشَّافِعِيِّ - فِيْمَا نَقَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ - عَنِ ابْنِ أَخِي ابْنِ وَهْبٍ، عَنْهُ، قَالَ:
وُلِدْتُ بِاليَمَنِ -يَعْنِي: القَبِيْلَةَ، فَإِنَّ أُمَّهُ أَزْدِيَّةٌ- قَالَ: فَخَافَتْ أُمِّي عَلَيَّ الضَّيْعَةَ، وَقَالَتْ: الْحَقْ بِأَهْلِكَ، فَتَكُوْنَ مِثْلَهُمْ، فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ أَنْ تُغْلَبَ عَلَى نَسَبِكَ.
فَجَهَّزَتْنِي إِلَى مَكَّةَ، فَقَدِمْتُهَا يَوْمَئِذٍ وَأَنَا ابْنُ عَشْرِ سِنِيْنَ، فَصِرْتُ إِلَى نَسِيْبٍ لِي، وَجَعَلْتُ أَطْلُبُ العِلْمَ، فَيَقُوْلُ لِي: لاَ تَشْتَغِلْ بِهَذَا، وَأَقبِلْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، فَجُعِلَتْ لَذَّتِي فِي العِلْمِ (2) .
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْتُ عَمْرَو بن سَوَّادٍ: قَالَ لِيَ الشَّافِعِيُّ:
وُلِدْتُ بِعَسْقَلاَنَ، فَلَمَّا أَتَى عَلَيَّ سَنَتَانِ، حَمَلَتْنِي أُمِّي إِلَى مَكَّةَ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الحَكَمِ: قَالَ لِي الشَّافِعِيُّ:
وُلِدْتُ بِغَزَّةَ، سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَمائَةٍ، وَحُمِلْتُ إِلَى مَكَّةَ ابْنَ سَنَتَيْنِ.
__________
(1) الخبر في " تاريخ بغداد " 2 / 58، 59.
(2) " آداب الشافعي " لابن أبي حاتم 21، 22، و" مناقب الشافعي " للبيهقي 1 / 73، 74 و" معرفة السنن والآثار " 1 / 128، و" تاريخ بغداد " 2 / 59، و" مناقب الشافعي " للرازي: 8، و" توالي التأسيس " 49 - 50، وقد علق الحافظ ابن حجر على قوله: ولدت باليمن، فقال: قال الحافظ شمس الدين الذهبي شيخ شيوخنا: هذا القول غلط إلا أن يريد باليمن قبيلة.
قلت (القائل ابن حجر) : سبقه إلى ذلك البيهقي في المدخل، وهو محتمل، أو وهم أحمد بن عبد الرحمن في قوله: ولدت، وإنما أراد نشأت، فالذي يجمع الأقوال أنه ولد بغزة عسقلان، ولما بلغ سنتين حولته أمه إلى الحجاز ودخلت به إلى قومها وهم من أهل اليمن لأنها كانت أزدية، فنزلت عندهم، فلما بلغ عشرا خافت على نسبه الشريف أن ينسى ويضيع، فحولته إلى مكة.

الصفحة 10