كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 10)
فَسَأَلَ أَبَا عُبَيْدَةَ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: خَمْسُوْنَ جِلْداً.
فَأَمَرَ بِإِحْضَارِ الكِتَابَيْنِ، وَأَحْضَرَ فَرَساً، فَقَالَ لأَبِي عُبَيْدَةَ: اقرَأْ كِتَابَكَ حَرْفاً حَرْفاً، وضَعْ يَدَكَ عَلَى مَوْضِعٍ مَوْضِعٍ.
قَالَ: لَسْتُ بِبِيْطَارٍ (1) ، إِنَّمَا هَذَا شَيْءٌ أَخَذْتُهُ مِنَ العَرَبِ.
فَقَالَ لِي: قُمْ، فَضَعْ يَدَكَ.
فَقُمْتُ، فَحَسَرْتُ عَنْ ذِرَاعِي وَسَاقِي، ثُمَّ وَثَبْتُ، فَأَخَذْتُ بِأُذُنِ الفَرَسِ، ثُمَّ وَضَعْتُ يَدِي عَلَى نَاصِيَتِهِ، فَجَعَلْتُ أَقْبِضُ (2) مِنْهُ بِشَيْءٍ شَيْءٍ، وَأَقُوْلُ هَذَا اسْمُهُ كَذَا، وَأُنْشِدُ فِيْهِ، حَتَّى بَلَغْتُ حَافِرَهُ، فَأَمَرَ لِي بِالفَرَسِ، فَكُنْتُ إِذَا أَرَدْتُ أَنْ أَغِيْظَ أَبَا عُبَيْدَةَ، رَكِبْتُ الفَرَسَ وَأَتَيْتُهُ (3) .
وَعَنِ ابْنِ دُرَيْدٍ: أَنَّ الأَصْمَعِيَّ كَانَ بَخِيْلاً، وَيَجْمَعُ أَحَادِيْثَ البُخَلاَءِ (4) .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَلاَّمٍ: كُنَّا مَعَ أَبِي عُبَيْدَةَ بقُرْبِ دَارِ الأَصْمَعِيِّ، فَسَمِعْنَا مِنْهَا ضَجَّةً، فَبَادَرَ النَّاسُ لِيَعْرِفُوا ذَلِكَ، فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: إِنَّمَا يَفْعَلُوْنَ هَذَا عِنْدَ الخُبْزِ، كَذَا يَفْعَلُوْنَ إِذَا فَقَدُوا رَغِيفاً (5) .
وَعَنِ الأَصْمَعِيِّ، قَالَ: نِلْتُ مَا نِلْتُ بِالمُلَحِ (6) .
__________
(1) البيطار: معالج الدواب.
(2) في " بغية الوعاة " و" وفيات الأعيان " و" طبقات المفسرين ": وجعلت أذكر عضوا عضوا وأضع يدي عليه.
وفي " إنباه الرواة ": وشرعت أذكر عضوا عضوا، ويدي على ذلك العضو.
(3) " تاريخ بغداد " 10 / 415، و" تهذيب الكمال " لوحة 862، و" وفيات الأعيان " 3 / 172، و" الأنساب " 1 / 294، و" نزهة الالباء " ص 120، 121، و" بغية الوعاة " 2 / 113، و" طبقات المفسرين " 1 / 355، و" إنباه الرواة " 2 / 202.
(4) " تهذيب الكمال " لوحة 862، و" طبقات المفسرين " 1 / 355.
(5) " تهذيب الكمال " لوحة 862.
(6) " تهذيب الكمال " لوحة 862، وتتمته فيه: قال: وقال مصعب الزبيري: قال أبي: الملح يا بني لا يفهمها إلا عقلاء الرجال.
الصفحة 179