كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 10)

الوُضُوْءِ، فَأَخْطَأْتُ فِيْهَا، فَفَرَّعَهَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ، فَلَمْ أُصِبْ فِي شَيْء مِنْهُ.
فَقَالَ: شَيْءٌ تَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي اليَوْمِ خَمْسَ مَرَّاتٍ، تَدَعُ عِلْمَهُ، وَتَتَكَلَّفُ عِلْمَ الخَالِقِ، إِذَا هَجَسَ فِي ضَمِيرِكَ ذَلِكَ، فَارْجِعْ إِلَى اللهِ، وَإِلَى قَوْلِهِ تعَالَى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيْم ... إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ... } الآيَةَ [البَقَرَةُ: 163 و164] فَاسْتَدِلَّ بِالمَخْلُوْقِ عَلَى الخَالِقِ، وَلاَ تَتَكَلَّفْ عِلْمَ مَا لَمْ يَبْلُغْهُ عَقْلُكَ.
قَالَ: فَتُبْتُ (1) .
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: فِي كِتَابِي عَنِ الرَّبِيْعِ بنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَضَرْتُ الشَّافِعِيَّ، أَوْ حَدَّثَنِي أَبُو شُعَيْبٍ، إِلاَّ أَنِّي أَعْلَمُ أنَّهُ حَضَرَ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الحَكَمِ، وَيُوْسُفُ بنُ عَمْرٍو، وَحَفْصٌ الفَرْدُ، وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يُسَمِّيهِ: حَفْصاً المُنْفَرِدِ، فَسَأَلَ حَفْصٌ عَبْدَ اللهِ: مَا تَقُوْلُ فِي القُرْآنِ؟
فَأَبَى أَنْ يُجِيْبَهُ، فَسَأَلَ يُوْسُفَ، فَلَمْ يُجِبْهُ، وَأشَارَ إِلَى الشَّافِعِيِّ، فَسَأَلَ الشَّافِعِيَّ، وَاحْتَجَّ عَلَيْهِ، فَطَالَتْ فِيْهِ المُنَاظَرَةُ، فَقَامَ الشَّافِعِيُّ بِالحُجَّةِ عَلَيْهِ بِأَنَّ القُرْآنَ كَلاَمُ اللهِ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ، وَبِكفْرِ حَفْصٍ.
قَالَ الرَّبِيْعُ: فَلقِيتُ حَفْصاً، فَقَالَ: أَرَادَ الشَّافِعِيُّ قَتْلِي (2) .
الرَّبِيْعُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُوْلُ: الإِيْمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، يَزِيْدُ وَيَنْقُصُ (3) .
__________
(1) تقدم الخبر بنحوه في الصفحة: 25، 26.
(2) " آداب الشافعي ": 194، 195، و" الأسماء والصفات " للبيهقي: 252، و" المناقب " له 1 / 455، وبنحوه من طريق آخر في " الحلية " 9 / 112، و" توالي التأسيس " 56.
(3) " الانتقاء ": 81، و" تهذيب الأسماء " 1 / 66، و" توالي التأسيس ": 64، و" تاريخ ابن عساكر " 14 / 405، و" آداب الشافعي ": 192.

الصفحة 32