كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 12)

قَالَ أَبُو العَيْنَاءِ: كُنَّا فِي مَجْلِسِ أَبِي عَاصِمٍ، فَنَازَعَ أَبُو بَكْرٍ بنُ يَحْيَى بنِ أَكْثَمَ غُلاَماً، فَقَالَ أَبُو عَاصِمٌ: مَهْيَمْ (1) ؟
قِيْلَ: أَبُو بَكْرٍ يُنَازِعُ غُلاَماً، فَقَالَ: إِنْ يَسْرِقْ، فَقَدْ سَرَقَ أَبٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ (2) .
وَقَدْ هُجِيَ بِأَبْيَاتٍ مُفَرَّقَةٍ لَمْ أَسُقْهَا.
قَالَ الخَطِيْبُ: لَمَّا اسْتُخْلِفَ المُتَوَكِّلُ، صَيَّرَ يَحْيَى فِي مَرْتَبَةِ ابْنِ أَبِي دُوَادَ، وَخَلَعَ عَلَيْهِ خَمْسَ خِلَعٍ (3) .
وَقَالَ نِفْطَوَيْه: لَمَّا عُزِلَ يَحْيَى مِنَ القَضَاءِ بِجَعْفَرٍ الهَاشِمِيِّ، جَاءهُ كَاتِبُهُ، فَقَالَ: سَلِّمِ الدِّيْوَانَ.
فَقَالَ: شَاهِدَانِ عَدْلاَنِ عَلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ بِذَلِكَ.
فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ، وَأُخِذَ مِنْهُ قَهْراً، وَأَمَرَ المُتَوَكِّلُ بِقَضِّ أَمْلاَكِهِ، وَحُوِّلَ إِلَى بَغْدَادَ، وَأُلزِمَ بَيْتَهُ.
قَالَ الكَوْكَبِيُّ: حَدَّثَنَا مُحْرِزُ بنُ أَحْمَدَ الكَاتِبُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُسْلِمٍ السَّعْدِيُّ، قَالَ:
دَخَلْتُ عَلَى يَحْيَى بنِ أَكْثَمَ، فَقَالَ: افْتَحْ هَذَا القِمَطْرَ.
فَفَتَحَ، فَإِذَا فِيْهِ شَيْءٌ رَأْسُهُ رَأْسُ إِنْسَانٍ، وَمِنْ سُرَّتِهِ إِلَى أَسْفَلٍ خِلْقَةُ زَاغٍ (4) ، وَفِي ظَهْرِهِ سِلْعَةٌ -يَعْنِي: حَدْبَةٌ- وَفِي صَدْرِهِ كَذَلِكَ.
__________
= 10 / 316، كان يحيى بن أكثم هذا من أئمة السنة، وعلماء الناس، ومن المعظمين للفقه والحديث واتباع الاثر.
(1) قال أبو عبيد القاسم بن سلام في " غريب الحديث " 2 / 190، 191: مهيم: كأنها كلمة يمانية، معناها: ما أمرك، أو ما هذا الذي أرى منك، ونحو هذا من الكلام.
فهي كلمة استفهام عن الحال أو الشأن.
وفي حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى عليه وضرا من صفرة، فقال: مهيم؟ قال: تزوجت امرأة من الانصار على نواة من ذهب.
قال: " أولم ولو بشاة ".
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 197، و" وفيات الأعيان " 6 / 153.
(3) " تاريخ بغداد " 14 / 200، 201.
(4) قال الدميري: الزاغ: نوع من أنواع الغربان، يقال له: الزرعي، وغراب =

الصفحة 11