كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 12)

وَكَانَ قَاضِي البَصْرَةِ؛ إِبْرَاهِيْمُ بنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ يَقُوْلُ:
الخُلَفَاءُ ثَلاَثَةٌ: أَبُو بَكْرٍ يَوْمَ الرِّدَّةِ، وَعُمَرُ بنُ عَبْدِ العَزِيْزِ فِي رَدِّ المظَالِمِ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ، وَالمُتَوَكِّلُ فِي مَحْوِ البِدَعِ، وَإِظْهَارِ السُّنَّةِ (1) .
وَقَالَ يَزِيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ المُهَلَّبِيُّ، قَالَ لِي المُتَوَكِّلُ:
إِنَّ الخُلَفَاءَ كَانَتْ تَتَصَعَّبُ عَلَى النَّاسِ ليُطِيْعُوهُمْ (2) ، وَأَنَا أُلِيْنُ لَهُمْ ليُحِبُّونِي وَيُطِيْعُونِي.
وحَكَى الأَعْسَمُ (3) : أَنَّ عَلِيَّ بنَ الجَهْمِ دَخَلَ عَلَى المُتَوَكِّلِ وَبِيَدِهِ دُرَّتَانِ يُقَلِّبُهُمَا، فَأَنْشَدَهُ قَصِيْدَةً لَهُ، فَدَحَا (4) إِلَيْهِ بِالوَاحِدَةِ فَقَلَّبْتُهَا (5) ، فَقَالَ: تَسْتَنْقِصُ بِهَا؟ هِيَ وَاللهِ خَيْرٌ مِنْ مائَةِ أَلْفٍ.
فَقُلْتُ: لاَ وَاللهِ، لَكِنِّي فَكَّرْتُ فِي أَبْيَاتٍ آخُذُ بِهَا الأُخْرَى، وَأَنْشَأْتُ أَقُوْلُ:
بِسُرَّ مَنْ رَأَى إِمَامٌ (6) عَدْلٌ (7) ... تَغْرِفُ مِنْ بَحْرِهِ البِحَارُ
يُرْجَى وَيُخْشَى لِكُلِّ خَطْبٍ ... كَأَنَّهُ جَنَّةٌ وَنَارُ
المُلْكُ فِيْهِ وَفِي بَنِيْهِ (8) ... مَا اخْتَلَفَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ
لَمْ تَأَتِ مِنْهُ اليَمِيْنُ شَيْئاً ... إِلاَّ أَتَتْ مِثْلَهَا اليَسَارُ (9)
__________
(1) " فوات الوفيات " 1 / 290، " تاريخ الخلفاء ": 346، و" النجوم الزاهرة " 2 / 375.
(2) في " فوات الوفيات " 1 / 291 ... كانت تغضب على الرعية لتطيعها.
(3) تحرفت في " تاريخ بغداد " إلى: الاعثم، بالثاء.
(4) أي: رماها إليه ودفعها.
(5) في الأصل: فقبلتها، وهو تحريف، والمثبت من " تاريخ بغداد " 7 / 167، و" تاريخ الخلفاء ": 349.
(6) في " تاريخ بغداد ": أمير.
(7) سقطت من " تاريخ ابن كثير ".
(8) في " تاريخ بغداد " أبيه.
(9) الابيات في " تاريخ بغداد " 7 / 167، و" تاريخ ابن كثير " 10 / 350، و" تاريخ الخلفاء ": 349.
وجاء في هذه المصادر قبل البيت الأخير: يداه في الجود ضرتان * عليه كلتاهما تغار

الصفحة 32