كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 12)

فَقَالَ: بُلِيْتُ بِمُجَالَسَتِكُم بَعْدَ مَا كُنْتُ أُجَالِسُ مَنْ جَالَسَ الصَّحَابَةَ، فَمَنْ أَعْظَمُ مِنِّي مُصِيْبَةً؟
قُلْتُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، الَّذِيْنَ بَقُوا حَتَّى جَالَسُوكَ بَعْدَ الصَّحَابَةِ، أَعْظَمُ مِنْكَ مُصِيْبَةً (1) .
وَرَوَى: أَحْمَدُ بنُ أَبِي الحَوَارِيِّ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ:
لَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ بَلِيَّتِي إِلاَّ أَنِّي حِيْنَ كَبِرْتُ صَارَ جُلَسَائِيَ الصِّبْيَانُ بَعْدَ مَا كُنْتُ أُجَالِسُ مَنْ جَالَسَ الصَّحَابَةَ.
قلتُ: أَعْظَمُ مِنْكَ مُصِيْبَةً مَنْ جَالَسَكَ فِي صِغَرِكَ بَعْدَ مَا جَالَسَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قَالَ: فَسَكَتَ (2) .
قَالَ عَلِيُّ بنُ خَشْرَمٍ: أَخْبَرَنِي يَحْيَى، قَالَ:
صِرْتُ إِلَى حَفْصِ بنِ غِيَاثٍ، فَتَعَشَّيْنَا عِنْدَهُ، فَأَتَى بِعُسٍّ (3) ، فَشَرِبَ، وَنَاوَلَ أَبَا بَكْرٍ بنَ أَبِي شَيْبَةَ، فَشَرِبَ، وَنَاوَلَنِي.
قَالَ: فَقُلْتُ: أَيُسْكِرُ كَثِيْرُهُ؟
قَالَ: إِيْ وَاللهِ، وَقَلِيْلُهُ.
فَتَرَكْتُهُ (4) .
وَرَوَى: أَبُو حَازِمٍ القَاضِي، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: وَلِيَ يَحْيَى بنُ أَكْثَمَ قَضَاءَ
__________
= قرية كبيرة من قرى مرو " الأنساب " 7 / 165 وأبو داود هو سليمان بن معبد بن كوسجان.
مات في ذي الحجة سنة سبع وخمسين ومئتين.
(1) " تاريخ بغداد " 14 / 192
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 193، و" تهذيب الكمال ": 1487 و" طبقات الحنابلة " 1 / 411.
وتتمة الخبر في هذه المصادر: وتمثل بشعر أبي نواس: خل جنبيك لرام * وامض عنه بسلام مت بداء الصمت خير * لك من داء الكلام
(3) العس، بضم العين، وتشديد السين المهملة: القدح الضخم، ويقال في جمعه: أعساس.
(4) " تاريخ بغداد " 14 / 193، و" تهذيب الكمال ": 1487.
وانظر في نوع الشراب الذي كان يجيزه أهل الكوفة، والأدلة التي يحتجون بها " نصب الراية " 4 / 302، 304.

الصفحة 7