كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 12)

البَصْرَةِ وَلَهُ عِشْرُوْنَ سَنَةً، فَاسْتَصْغَرُوْهُ، وَقِيْلَ: كَمْ سِنُّ القَاضِي؟
قَالَ: أَنَا أَكْبَرُ مِنْ عَتَّابِ بنِ أَسِيدٍ؛ الَّذِي وَلاَّهُ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى مَكَّةَ، وَأَكْبَرُ مِنْ مُعَاذٍ حِيْنَ وَجَّهَ بِهِ رَسُوْلُ اللهِ قَاضِياً عَلَى اليَمَنِ، وَأَكْبَرُ مِنْ كَعْبِ بنِ سُوْرٍ الَّذِي وَجَّهَ بِهِ عُمَرُ قَاضِياً عَلَى البَصْرَةِ (1) .
قَالَ الفَضْلُ الشَّعْرَانِيُّ: سَمِعْتُ يَحْيَى بنَ أَكْثَمَ يَقُوْلُ:
القُرْآنُ كَلاَمُ اللهِ، فَمَنْ قَالَ: مَخْلُوْقٌ، يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ وَإِلاَّ ضُرِبَتْ عُنُقُهُ (2) .
وَعَنْ يَحْيَى، قَالَ: مَا سُرِرْتُ بِشَيْءٍ سُروْرِي بِقَوْلِ المُسْتَمْلِي: مَنْ ذَكَرْتَ رَضِيَ اللهُ عَنْكَ (3) .
وَذُكِرَ لأَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ مَا يُرْمَى بِهِ يَحْيَى، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللهِ! مَنْ يَقُوْلُ هَذَا (4) ؟!
قُلْتُ: قَدْ وَلِعَ النَّاسُ بِيَحْيَى لِتَوَلُّعِهِ بِالصُّوَرِ حُبّاً أَوْ مُزَاحاً.
الصُّوْلِيُّ: سَمِعْتُ إِسْمَاعِيْلَ القَاضِي يُعَظِّمُ شَأْنَ يَحْيَى بنِ أَكْثَمَ، وَذكَرَ لَهُ يَوْمَ قِيَامِهِ فِي وَجْهِ المَأْمُوْنِ لَمَّا أَبَاحَ مُتْعَةَ النِّسَاءِ،
فَمَا زَالَ بِهِ حَتَّى رَدَّهُ إِلَى الحَقِّ، وَنَصَّ لَهُ الحَدِيْثَ فِي تَحْرِيْمِهَا (5) ، فَقِيْلَ لإِسْمَاعِيْلَ: فَمَا
__________
(1) " تاريخ بغداد " 14 / 199، و" وفيات الأعيان " 6 / 149، و" طبقات الحنابلة ". 1 / 412، " والنجوم الزاهرة " 2 / 317.
(2) " تاريخ بغداد " 14 / 198، و" طبقات الحنابلة " 1 / 412.
(3) " تهذيب الكمال " 1487.
(4) " طبقات الحنابلة " 1 / 412، و" تهذيب الكمال ": 1486.
وتتمة الخبر فيهما: وأنكر ذلك أحمد إنكارا شديدا.
وجاء فيهما أيضا: سئل أحمد بن حنبل عن يحيى بن أكثم، فقال: ما عرفناه ببدعة.
فبلغت يحيى، فقال: صدق أبو عبد الله، ما عرفني ببدعة قط.
(5) وهو ما أخرجه مسلم (1406) في النكاح: باب نكاح المتعة من طرق عن الربيع ابن سبرة الجهني، عن أبيه أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم - يعني في فتح مكة - =

الصفحة 8