كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 13)

وَانضَاف إِلَيْهِ بقَايَا الزَّنج، وَكَانَ كيَّالاً بِالبَصْرَةِ، فَقِيْراً يَرفو الأَعدَال، وَهُم يَسْتَخِفُّون بِهِ، وَيسخرُوْنَ مِنْهُ، فَآل أَمرُه إِلَى مَا آل، وَهَزَم عَسَاكِر المُعْتَضِد مَرَّاتٍ، وَفعل العَظَائِم، ثُمَّ ذُبِحَ فِي حَمَّام قصره.
فَخَلَفَه ابْنُهُ سُلَيْمَان (1) الَّذِي أَخذ الحَجَر الأَسْوَد، وَقَتَلَ الحجِيج حَوْل الكَعْبَة، وَهُوَ جَدُّ أَبِي عَلِيٍّ الَّذِي غَلب علَى الشَّامِ، وَهَلك بالرَّملَة فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَفِي سَنَةِ سبعٍ: اسْتفحلَ شَأْنُ القرَامطَة، وَأَسرفُوا فِي القَتْل وَالسَّبِي، وَالتَقَى الجنَّابِي وَعَبَّاس الأَمِيْر، فَأَسَرَه الجَنَّابِي، وَأَسَرَ عَامَّة عسكرِه، ثُمَّ قَتَل الجَمِيْع سِوَى عَبَّاس، فَجَاءَ إِلَى المعتَضد وَحدَه فِي أَسوأ حَالٍ.
وَوَقع الفَنَاء بِأَذْرَبِيْجَان، حَتَّى عُدِمت الأَكفَان جُمْلَةً، فكفنُوا فِي اللُّبُود.
وَاعْتل المعتَضد فِي رَبِيْعٍ الآخِرِ، ثُمَّ تمَاثَل، وَانتَكَس، فَمَاتَ فِي الشَّهر (2) ، وَقَامَ المكتفِي لثمَانٍ بَقِيْنَ مِنِ الشَّهر، وَكَانَ غَائِباً بِالرَّقَّةِ، فَنَهَضَ بِالبَيْعَة لَهُ الوَزِيْرُ القَاسِم بن عُبَيْدِ اللهِ.
وَعَنْ وَصيف الخَادِم، قَالَ: سَمِعْتُ الْمُعْتَضد يَقُوْلُ عِنْد مَوْته:
__________
(1) سليمان بن الحسن بن بهرام الجنابي الهجري، أبو طاهر. وكانت إغارته على مكة وأخذ الحجر الأسود يوم التروية سنة (317 هـ) والناس محرمون. توفي سنة (332 هـ) بعد ان أصابه الجدري. انظر: الكامل لابن الأثير: 7 / 415، فوات الوفيات: 2 / 59 - 62. وسيترجمه المؤلف في الجزء الرابع عشر.
(2) ربما يوهم من كلام الذهبي هنا أن وفاة المعتضد كانت سنة سبع وثمانين ومئتين، وهذا يخالف ما أجمعت عليه مصادر ترجمته من أنها كانت سنة (289 هـ) كما أن الذهبي نفسه قد أشار إلى أن تولي المكتفي الخلافة بعد أبيه المعتضد كان سنة (289 هـ) ، وذلك في ترجمة المكتفي اللاحقة هنا.

الصفحة 476