كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 13)

فَضعف عَنِ القرَامطَة، فَقُتل يَحْيَى فِي الحِصَار، وَقَامَ بَعْدَهُ أَخُوْهُ الحُسَيْن، وَسَارَ المكتفِي بِجُيُوشِهِ إِلَى المَوْصِل، وَتقدَّمه إِلَى حلب أَبُو الأَغَر، فَبيَّتهُم القِرْمطي، فَقتل مِنَ المُسْلِمِيْنَ تسعَة آلاَف، وَوصل المكتفِي إِلَى الرَّقَّةِ، وَعظُم البلاَءُ بِالقَرَامطَة، ثُمَّ أَوقع بِهِم العَسْكَر، وَهَرَبُوا إِلَى البَادِيَة يَعيثُونَ وَيَنهبُون، وَتَبعهُم الحُسَيْن بن حَمدَان، وَعِدَّة أُمرَاء يطردونَهُم، وَكَانَ يَحْيَى المَقْتُول يَدَّعِي أَنَّهُ حُسَينِي.
رمَاهُ بَرْبَرِيٌ بِحَرْبَةٍ، ثُمَّ قتل أَخُوْهُ الحُسَيْن صَاحِب الشَّامَة (1) .
وَفِي سَنَةِ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَمائَتَيْنِ: زوَّج المكتفِي وَلدَه ببنتِ الوَزِيْر عَلَى مائَة أَلْف دِيْنَار، وَخَلَعَ الوَزِيْر يَوْمَئِذٍ عَلَى الأَعيَان أَرْبَعَ مائَة خِلْعَة.
وَفِيْهَا: أَقبلت جُموع التُّرْكِ، فَبيتهُم وَالِي خُرَاسَان إِسْمَاعِيْل، وَقتلُوا مِنْهُم مَقْتَلَةً عَظِيْمَةً، وَأَقبلتِ الرُّوْم فِي مائَةِ أَلْفٍ، وَأَتُوا إِلَى الحَدَث (2)
__________
(1) انظر: الكامل لابن الأثير: 7 / 523 - 526، 530 - 532، أخبار سنتي (290 - 291) ، والبداية والنهاية: 11 / 96، وعبر المؤلف: 2 / 84، وشذرات الذهب: 2 / 202.
(2) الحدث: قلعة حصينة من الثغور الشامية، ويقال لها: الحمراء، لان تربتها جميعا حمراء، وقلعتها على جبل يقال له: الاحيدب.
وقد جرت فيها عدة معارك بين العرب المسلمين والروم، ومنها تلك التي كان على رأس جيشها العربي المسلم سيف الدولة الحمداني سنة (343 هـ) ، والتي خلدها المتنبي بقصيدة طويلة له، يقول في مطلعها:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم * وتأتي على قدر الكرام المكارم
ومنها قوله:
هل الحدث الحمراء تعرف لونها * وتعلم أي الساقيين الغمائم
سقتها الغمام الغر قبل نزوله * فلما دنا منها سقتها الجماجم
ويمدح شجاعة سيف الدولة فيها قائلا:
وقفت وما في الموت شك لواقف * كأنك في جفن الردى وهو نائم
تمر بك الابطال كلمى هزيمة * ووجهك وضاح وثغرك باسم
انظر: ديوان المتنبي، بشح البرقوقي: 4 / 94 - 108.

الصفحة 482