كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 13)

وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الصِّبْغِيّ يَقُوْلُ: مَا رَأَيْتُ فِي المُحَدِّثِيْنَ أَهيبَ مِنْ إِبْرَاهِيْم بن أَبِي طَالِبٍ، كُنَّا نَجلِس بَين يَدَيْهِ وَكَأَنَّ عَلَى رُؤُوْسنَا الطَّير.
بَينَا نَحْنُ فِي مسجدِه، إِذْ عَطَسَ أَبُو زَكَرِيَّا العَنْبَرِيّ، فَأَخفَى عُطَاسه، فَقُلْتُ لَهُ: قَلِيْلاً قَلِيْلاً، لاَ تَخَفْ فلَسْت بَيْنَ يَدَيِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ (1) -.
وَسَمِعْتُ أَبَا الفَضْلِ مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيْمَ، سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي طَالِبٍ يَقُوْلُ: قَالَ لِي مُحَمَّد بن يَحْيَى: مَنْ أَحْفَظ مَنْ رَأَيْتَ بِالعِرَاق؟
قُلْتُ: لَمْ أَرَ بَعْد أَحْمَد بن حَنْبَلٍ مِثْل أَبِي كُرَيْبٍ.
ثُمَّ قَالَ أَبُو الفَضْلِ كَانَ إِبْرَاهِيْم بن أَبِي طَالِبٍ يُهَاب بِمَرَّة، وَكَانَ لاَ يَحْضُر مَجْلِسَ القُضَاة إِلاَّ لِشَهَادَةٍ تلْزمهُ.
وحَدَّثَنَا حَسَّان بن مُحَمَّدٍ الفَقِيْه، سَمِعْتُ إِبْرَاهِيْمَ بن أَبِي طَالِبٍ يَقُوْلُ: دَخَلْتُ عَلَى أَحْمَد بَعْد المِحْنَةِ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَذَاكَرْتُه رَجَاءَ أَنْ آخذ عَنْهُ حَدِيْثاً، حَتَّى قُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ! حَدِيْث أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (امْرُؤُ القَيْسِ قَائِدُ لِوَاءِ الشُّعَرَاءِ إِلَى النَّارِ (2)) .
فَقَالَ: قِيْلَ: عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْهُ.
قُلْتُ: مَنْ عَنِ الزُّهْرِيِّ؟
قَالَ: أَبُو الجَهْمِ.
قُلْتُ: مِنْ رَوَاهُ عَنْ أَبِي الجَهْم؟
فَسَكَتَ، فَعَاوَدْتُه، فَقَالَ: اللَّهُمَّ سَلِّم، فَسَكَتُّ.
قَالَ: وَسَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ النَّيْسَابُوْرِيّ يَقُوْلُ: كُنْتُ أَختلِفُ إِلَى الوَلِيّ
__________
(1) المصدر السابق.
(2) أخرجه أحمد في " المسند " 2 / 228 من طريق هشيم، حدثنا أبو الجهم الواسطي، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن ابي هريرة. وأبو الجهم قال فيه أبو زرعة: واه، وقال ابن عدي: شيخ مجهول لا يعرف له اسم، وخبره منكر، ولا أعرف له غيره، وقال ابن حبان في " المجروحين " 3 / 150: أبو الجهم شيخ من أهل واسط يروي عن الزهري ما ليس من حديثه روى عنه هشيم بن بشير، لا يجوز الاحتجاج بروايته إذا انفرد، وقال ابن عبد البر: لا يصح حديثه.
وانظر " مجمع الزوائد " 8 / 119، و" البداية والنهاية " 2 / 118، وله في " تاريخ بغداد " 9 / 370 طريق آخر لا يصح.

الصفحة 549