كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 13)

عُمِير، عَنْ مُوْسَى بنِ طَلْحَةَ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَخْطَبَ مِن عَائِشَةَ وَلاَ أَعْرَبَ، لَقَدْ رأَيْتُهَا يَوْمَ الجَمَل، وَثَارَ إِلَيْهَا النَّاس، فَقَالُوا: يَا أُمَّ المُؤْمِنِيْنَ! حَدِّثِينَا عَنْ عُثْمَانَ وَقَتْلِه، فَاسْتجلَسَتِ النَّاس، ثُمَّ حَمِدت الله، وَأَثنتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَتْ:
أَمَّا بَعْد ... فَإِنَّكُم نَقَمْتم عَلَى عُثْمَانَ خِصَالاً ثَلاَثاً: إِمرَة الفَتَى، وَضَرْبَة السَّوط، وَمَوْقع الغمَامَة المُحْمَاة، فَلَمَّا أَعْتَبَنَا مِنْهُنَّ، مُصَتُّمُوهُ مَوْصَ الثَّوب بِالصَّابُوْنَ، عَدَوتم بِهِ الفُقَر الثَّلاَث: حُرْمَة الشَّهْرِ الحَرَام، وَحُرْمَةَ البَلَدِ الحَرَام، وَحُرِمَة الخِلاَفَة، وَاللهِ لَعُثْمَان كَانَ أَتْقَاكُم للرَّبِّ، وَأَوْصَلَكُم للرَّحِمِ، وَأَحْصَنَكُم فَرْجاً.
أَقُوْلُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلكُم (1) .
قَالَ البُوْشَنْجِيّ: إِمرَة الفَتَى: عَزْلُه سَعْداً، وَتوليتُه مَكَانه الوَلِيْد بن عُقْبَةَ، لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ.
وضَربَةُ السُّوْط: فَإِنَّهُ تنَاول عَمَّاراً، وَأَبَا ذَرٍّ ببَعْض التَّقْويم.
وَموقع الغَمَامَة: فَإِنَّهُ حمَى أَحمَاء فِي بِلاَد العَرَب لإِبل الصَّدَقَة، وَقَدْ فَعَلَه عُمَر، فَمَا أَنْكَرَه النَّاس، وَالموْص: الغَسْل، وَالفُقْر: الفُرَص (2) .
الحَاكِم: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُوْسَى الأَدِيْب، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ البُوْشَنْجِيّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ يَزِيْدَ الدِّمَشْقِيّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن يَزِيْدَ بنِ جَابِر، قَالَ: رَأَيْتُ فِي المقسلاَط صَنَماً مِنْ نُحَاس، إِذَا عَطِش، نَزَل، فَشَرِبَ.
ثُمَّ قَالَ البُوْشَنْجِيّ: رُبَّمَا تكلَّمَتِ العُلَمَاءُ عَلَى سَبِيْل تفَقُّدِهِم مقدَار أَفهَام حَاضِريهم، تَأْديباً لَهُم، وَتَنبيهاً عَلَى العِلْم، وَامتحَاناً لأَوهَامهِم، فَهَذَا ابْن جَابِر، وَهُوَ أَحَد عُلَمَاء الشَّام، وَلَهُ كتب فِي العِلْمِ،
__________
(1) طبقات السبكي: 2 / 199
(2) انظر: المصدر السابق: 2 / 199 - 200 وفي " النهاية " قال الازهري: الفقر: جمع فقرة: وهي الامر العظيم الشنيع.

الصفحة 585