كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 14)

وَقَالَ النَّوْفَلِيُّ: كُنْتُ أَبْغُضُهُ لكُفْرِهِ، وَلِمَكْرُوهٍ نَالَنِي مِنْهُ (1) .
قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: أَخَذَ البَيْعَةَ للمُكْتَفِي، وَكَانَ غَائِباً بِالرَّقَّةِ، وَضَبَطَ لَهُ الخزَائِنَ، فَلَقَّبَهُ وَلِيَّ الدَّوْلَةِ، وَزَوَّجَ وَلَدَهُ بَابْنَةِ القَاسِمِ عَلَى مائَةِ أَلْفِ دِيْنَارٍ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: كَانَ جَوَاداً مُمَدَّحاً، إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ زِنْدِيقاً، وَكَانَ مُؤَدِّبهُ أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجِ، فَنَالَ فِي دَولَتِهِ مَالاً جَزِيْلاً مِنَ الرّشْوَةِ، فَحَصَّلَ أَرْبَعِيْنَ أَلفِ دِيْنَارٍ.
هَلَكَ القَاسِمُ عَنْ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِيْنَ سَنَةٍ، - لاَ رَحِمَهُ اللهُ -.
قَالَ الصُّوْلِيُّ: حَدَّثَنَا شَادِي المُغَنِّيّ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ القَاسِمِ وَهُوَ يَشْرَبُ، فَقَرَأَ عَلَيْهِ ابْن فِرَاس مِنْ عَهْدِ أَرْدَشِيرٍ (2) ، فَأَعْجَبَهُ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ فِرَاسٍ: هَذَا وَاللهِ - وَأَومأَ إِليَّ - أَحْسَنُ مِنْ بَقَرَةِ هَؤُلاَءِ وَآل عِمْرَانهِمِ.
وَجعلاَ يَتَضَاحَكَانِ.
قَالَ الصُّوْلِيُّ: وَأَخْبَرَنَا ابْنُ عبدُوْنَ: حَدَّثَنِي الوَزِيْرُ عَبَّاسُ بنُ الحَسَنِ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ القَاسِمِ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، فَقَرَأَ قَارِئ: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ} [آل عِمْرَان:110] فَقَالَ ابْنُ فرَاسٍ: بِنُقْصَانِ يَاءْ، فَوَثَبْتُ فَزِعاً، فَرَدَّنِي القَاسِمُ وَغَمَزَهُ، فَسَكَتَ.
__________
(1) انظر " وفيات الأعيان " 3 / 362.
(2) كذا ضبطه الحافظ الدارقطني فيما نقله عنه ابن خلكان في " الوفيات " 4 / 360، وهو أردشير بن بابك بن ساسان: جد ملوك الفرس الذين آخرهم يزدجرد.
انظر ترجمته في " الاخبار الطوال " ص 45 42، و" تاريخ الطبري " 2 / 43 37، و" مروج الذهب " 1 / 245 وما بعدها.
و" عهد أردشير " طبع بتحقيق الدكتور إحسان عباس، وقد قام بنشره دار صادر وهو مجموعة وصايا خلفها أردشير لمن يليه في حكم فارس من الملوك، لتكون لهم عونا في إدارة شؤون ممالكهم، جمع فيها تجاربه في الحكم والادارة، وقد أصبح هذا العهد دستورا لمن جاء بعده من الملوك.

الصفحة 19