كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 14)

وَقَالَ أَحْمَدُ بنُ سَهْلٍ البُخَارِيُّ الفَقِيْهُ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيٍّ وَسُئِلَ: لِمَ لُقِّبْتَ جَزَرَةَ؟
فَقَالَ: قَدِمَ عُمَرُ بنُ زُرَارَةَ الحَدَثِيُّ بَغْدَادَ، فَاجْتَمَعَ عَلَيْهِ خَلْق، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ فَرَاغِ المَجْلِسِ سُئِلتُ: مِنْ أَيْنَ سَمِعْتَ؟
فَقُلْتُ: مِنْ حَدِيْثِ الجَزَرَةِ، فَبَقِيَتْ عَلَيَّ.
وَقَالَ خَلَفُ بنُ مُحَمَّدٍ الخَيَّامُ: حَدَّثَنَا سَهْلُ بنُ شَاذَوَيْه: أَنَّهُ سَمِعَ الأَمِيْر خَالِدَ بنَ أَحْمَدَ يَسْأَلُ أَبَا عَلِيٍّ: لِمَ لُقِّبْتَ جَزَرَة؟
قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا عُمَرُ بنُ زُرَارَةَ فَحَدَّثَهُم بِحَدِيْثٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ بُسرٍ: أَنَّهُ كَانَ لَهُ خَرَزَةٌ للمَرِيْض، فَجِئْتُ وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الحَدِيْث، فرَأَيْتُ فِي كِتَابِ بَعْضِهِم وَصِحْتُ بِالشَّيْخِ: يَا أَبَا حَفْصٍ! يَا أَبَا حَفْصٍ! كَيْفَ حَدِيْثُ عَبْد اللهِ بن بُسْرٍ: أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ جَزَرَةٌ يُدَاوِي بِهَا المَرْضَى، فَصَاحَ المُحَدِّثُونَ المُجَّان، فَبقيَ عليَّ حَتَّى السَّاعَة.
قُلْتُ: قَدْ كَانَ صَالِحٌ صَاحِبَ دُعَابَةٍ، وَلاَ يَغْضَبُ إِذَا وَاجَهَهُ أَحَدٌ بِهَذَا اللَّقَبِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ: أَخْبَرَنَا أَبُو حَاتِمٍ بنُ أَبِي الفَضْلِ الهَرَوِيّ، قَالَ:
كَانَ صَالِحٌ رُبَّمَا يَطْنِزُ (1) ، كَانَ بِبُخَارَى رَجُلٌ حَافِظٌ يُلَقَّبُ بِجَمَلٍ، فَكَانَ يَمْشِي مَعَ صَالِحِ بنِ مُحَمَّدٍ، فَاسْتَقْبَلَهُمَا بَعِيرٌ عَلَيْهِ جَزَرٌ، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا أَبَا عَلِيٍّ؟
قَالَ: أَنَا عَلَيْكَ.
هَذِهِ حِكَايَةٌ مُنْقَطعَةٌ.
وَرَوَى الحَاكِم: أَخْبَرَنَا بَكْرُ بنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيّ، سَمِعْتُ صَالِحَ بنَ مُحَمَّدٍ، قَالَ:
كُنْتُ أُسَايرُ الجَمَلَ الشَّاعِرَ بِمِصْرَ، فَاسْتقبلَنَا جَملٌ عَلَيْهِ جَزَر،
__________
(1) طنز يطنز بكسر النون كما في " اللسان ": سخر واستهزأ. وقد ضبطت في الأصل بضم النون، ولم نر من نص على ذلك.

الصفحة 26