كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 15)

وَبعثَوا إِلَى المُقْتَدِرِ، ليتحوَّل مِنْ دَارِ الخِلاَفَة، فَأَجَابَ، وَلَمْ يَبْقَ مَعَهُ سِوَى غَريبٍ خَالِه، وَمُؤنس الخَازن، وَبَاكِر بنِ حَمْدَانَ، وَطَائِفَةٍ، وَأَحَاطُوا بِالدَّار ثُمَّ اقْتَتَلُوا.
فَذَهَبَ ابْنُ حَمْدَانَ إِلَى المَوْصِل، وَاسْتظهر خوَاصُّ المُقْتَدِر، وَخَارتْ قوَى ابْن المعتَز، وَأَصْحَابِهِ، وَانهزمُوا نَحْو سَامَرَّا.
ثُمَّ نَزَلَ ابْنُ المُعْتَز عَنْ فرسه، وَأَغمد سيفَه، وَاخْتَفَى وَزِيْرُه، وَقَاضيه، وَنُهبتْ دورُهُمَا.
وَقَتَلَ المُقْتَدِر جَمَاعَةً مِنَ الأَعيَان، وَوزر لَهُ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ الفُرَاتِ، وَأُخِذَ ابْنُ المُعْتَزّ، فَقُتِلَ سرّاً، وَصُودِرَ ابْنُ الجَصَّاص (1) .
فَقِيْلَ: أُخِذَ مِنْهُ أَزيدَ مِنْ سِتَّة آلاَف أَلف دِيْنَار.
وَتَضَعْضَعَ حَاله (2) .
وَسَاسَ ابْنُ الفُرَاتِ الأُمُورَ.
وَتَمَكَّنَ، وَانصَلَحَ أَمرُ الرَّعيَة، وَالتَّقَى الحُسَيْنُ بنُ حَمْدَانَ وَأَخُوْهُ أَبُو الهيجَاءَ عَبْدُ اللهِ، فَانكسَرَ أَبُو الهيجَاءَ، وَقَدِمَ أَخوهُمَا إِبْرَاهِيْمُ فَأَصلَحَ حَالَ الحُسَيْن، وَكَتَبَ لَهُ المُقْتَدِر أَمَاناً.
وَقَدِمَ فَقُلِّدَ قُمَّ وَقَاشَان (3) .
وَقَدِمَ صَاحِبُ أَفْرِيْقيَّةَ (4) زِيَادَةُ الله الأَغْلَبِيّ (5) ، وَأَخذَهَا مِنْهُ الشِّيْعِيُّ (6) وَبُوْيِع المَهْدِيُّ بِالمَغْرِب، وَظَهَرَ أَمرُهُ وَعَدَل، وَتَحَبَّبَ إِلَى الرَّعيَة أَوَّلاً، وَوَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ دَاعِييه الأَخوين (7) فَوَقَعَ بينهُمَا القِتَال، وَعظُمَ الخَطْبُ، وَقُتِلَ
__________
(1) " الكامل " لابن الأثير: 8 / 18.
(2) انظر خبر خلع المقتدر وولاية ابن المعتز في " الكامل ": 8 / 14 - 19.
(3) " تاريخ الطبري ": 10 / 141.
(4) في " الأنساب " و" تقويم البلدان ": بفتح الالف. وفي " معجم البلدان " بكسرها.
(5) انظر خبر خروجه في " الكامل ": 8 / 20 - 23.
(6) هو أبو عبد الله، الحسين بن أحمد بن محمد، المعروف بالشيعي. قام بالدعوة لعبيد الله المهدي جد الفاطميين، مهد ملكه في المغرب، قتل سنة / 298 / هـ. وستأتي نتف من أخباره في ترجمة المهدي ص / 141 / من هذا الجزء.
(7) هما: أبو عبد الله الحسين، وأبو العباس أحمد. راجع ترجمة المهدي ص / 143 / من هذا الجزء.

الصفحة 46