كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 17)

وَتغلَّبت كُلُّ فرقَةٍ عَلَى بَلَدٍ مِنَ الأَنْدَلُس، وَجَرَتْ خُطُوبٌ وَأُمُورٌ يطول شَرحُهَا، فَلحق القَاسِمُ بشَرِيش (1) ، فَقصدهُ المُعْتَلِي، وَحَاصَرهُ، فَظَفِرَ بِهِ، وَسَجَنَهُ دَهْراً، وَأَمَّا أَهْلُ إِشْبِيْليَة، فَطردُوا عَنْهَا ابْنَي القَاسِم بنِ حَمُّوْد، وَأمَّرُوا عَلَيْهِم ثَلاَثَةً: قَاضِي البَلَد مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيْلَ بن عَبَّاد، وَمُحَمَّد بن يَرِيْم الأَلْهَانِيُّ، وَمُحَمَّد بن الحَسَنِ الزُّبَيْدِيّ، فَسَاسوهُم، ثُمَّ تملَّك عَلَيْهِم القَاضِي، وَأَظهر لَهُم ذَلِكَ الحُصْرِيَّ الَّذِي يُقَال: إِنَّهُ المُؤَيَّد كَمَا قدّمنَا، وَتملّك مَالَقَة يَحْيَى المُعْتَلِي وَالجَزِيْرَةَ الخضرَاء (2) ، وَغَلبَ أَخُوْهُ إِدْرِيْسُ بنُ عَلِيٍّ عَلَى طَنْجَة (3) ، وَطَال أَسْرُ القَاسِمِ، وَعَاشَ ثَمَانِيْنَ سَنَةً، ثُمَّ خُنقَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.

82 - يَحْيَى بنُ عَلِيِّ بنِ حَمُّوْدِ المُعْتَلِي بِاللهِ العَلَوِيُّ *
أَبُو زَكَرِيَّا العَلَوِيُّ، الحسنِيُّ، الإِدْرِيْسِيُّ، وَأُمُّه علويَّةٌ أَيْضاً.
غلب عَلَى أَكْثَر الأَنْدَلُس، وَتسمّى بِالخِلاَفَة، وَاسْتنَاب عَلَى قُرْطُبَةَ الأَمِيْرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بن أَبِي عطَّاف إِلَى سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ، ثُمَّ قُطعت دعوتُه عَنْ قُرْطُبَة، فَترَدد عَلَيْهَا بِالعَسَاكِر إِلَى أَنْ أَطَاعته جَمَاعَة البَرْبَر، وَسلَّمُوا إِلَيْهِ الحُصُونَ وَالقِلاع، وَعظُم سلطَانُه، ثُمَّ قَصَدَ إِشْبِيْليَة، فَحَاصَرَهَا، فَخَرَجَ مِنْهَا فوَارسُ
__________
(1) شريش: مدينة كبيرة من كورة شذونة، وشذونة مدينة بالاندلس تتصل نواحيها بنواحي موزور من أعمال الأندلس.
" معجم البلدان " 3 / 329.
(2) قال في " الجذوة ": وهي كانت معقل القاسم، وبها كانت ذخائره.
(3) في " الجذوة ": وهي كانت عدة القاسم التي يلجأ إليها إن رأى ما يخاف بالاندلس.
(*) جذوة المقتبس 24، الذخيرة في محاسن الجزيرة: القسم الرابع، المجلد الأول / 316 - 318، بغية الملتمس: 30، الكامل لابن الأثير 9 / 274 - 279، المعجب 50 - 54، البيان المغرب 3 / 188، تاريخ ابن خلدون 4 / 153، أعمال الاعلام 136، بلغة الظرفاء 42، نفح الطيب 1 / 431.

الصفحة 137