كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 17)

بِذَلِكَ الوَزِيْرُ أَبُو الْحزم جَهْوَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَهْوَر، وَبَايعُوا أَبَا بَكْرٍ هِشَام (1) بن مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ النَّاصر لِدِيْنِ اللهِ، وَلُقِّب بِالمُعْتَدِّ بِاللهِ فِي رَبِيْعٍ الأَوَّلِ، سَنَةَ ثَمَانَي عَشْرَة، وَلَهُ أَرْبَعٌ وَخَمْسُوْنَ سَنَة، فَبَقِيَ يَنْتَقلُ فِي الثُّغُوْر، وَدَخَلَ قُرْطُبَة فِي آخر سَنَة عِشْرِيْنَ، فَلَمْ يَلْبثْ إِلاَّ يَسِيْراً حَتَّى قَامَتْ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ مِنَ الجُنْدِ، وَجَرَتْ أُمُورٌ يَطُوْلُ شَرْحُهَا، ثُمَّ خَلَعُوهُ، وَأُخْرِجَ مِنْ قَصْرِهِ وَالنِّسَاءُ مهتكَات حَافيَات، إِلَى أَنْ دَخَلُوا الجَامِعَ فِي هَيْئَة السَّبَايَا، فَبَقُوا هنَالِكَ أَيَّاماً يَتَعَطَّف عَلَيْهِم النَّاس بِالطَّعَامِ إِلَى أَنْ خَرَجُوا مِنْ قُرْطُبَة، فَلَحِقَ هِشَامٌ هَذَا بِابْنِ هود المُتَغَلِّبِ عَلَى سَرَقُسْطَة وَلاردَة وَطَرْطُوْشَة، فَأَقَامَ عِنْدَهُ إِلَى أَنْ مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ فِي العَام الَّذِي قُتِلَ فِيْهِ المُعْتَلِي.
فهَذَا آخِرُ مُلُوْكِ بَنِي أُمَيَّةَ مُطْلَقاً، وَتَفَرَّقت الكَلِمَةُ، وَصَارَ فِي الأَنْدَلُس عِدَّة مُلُوْك.

83 - جَهْوَرُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ جَهْوَرٍ أَبُو الحَزْمِ القُرْطُبِيُّ *
الرَّئِيْس أَبُو الْحزم القُرْطُبِيُّ، الوَزِيْرُ، مِنْ بَيْتِ رِئاسَةٍ وَوزَارَةٍ، مِنْ دُهَاة الرِّجَالِ وَعُقَلاَئِهِم، دَبَّرَ أَمْرَ قُرْطُبَة، وَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا، لَكِنَّهُ مِنْ عقله لَمْ يتسمَّ بِالإِمرَة، وَرَتَّبَ البَوَّابِيْن وَالحَشَمَ عَلَى بَابِ القَصْر، وَلَمْ يَنْتَقِل مِنْ بَيْتِهِ، وَأَنْفَقَ
__________
(1) انظر " جذوة المقتبس " 27 وما بعدها، و" بغية الملتمس " 34، و" الكامل " 9 / 282، و" نفح الطيب " 1 / 438.
(*) جمهرة الأنساب 93، جذوة المقتبس 28، 29 و188، مطمح الانفس 16، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة: القسم الأول، المجلد الثاني / 602 - 605، الصلة لابن بشكوال 1 / 131، بغية الملتمس 34، 35 و260، الكامل في التاريخ 9 / 284، 285، الحلة السيراء 2 / 30 - 34، المغرب في حلي المغرب 1 / 56، البيان المغرب 3 / 185، دول الإسلام 1 / 257، العبر 3 / 183، تاريخ ابن خلدون 4 / 159، شذرات الذهب 3 / 255.

الصفحة 139