كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 17)

بُوْيِع بِمَالَقَة بِالخِلاَفَة، وَلُقِّبَ بِالمُتَأَيِّد بِاللهِ، وَجَعَلَ ابْنَ أَخِيْهِ حسنَ بنَ المُعْتَلِي وَالِياً عَلَى سَبْتَة (1) .
ثُمَّ إِنَّهُ اسْتَنْجَدَ بِإِدْرِيْسَ مُحَمَّدٌ البَرْبَرِيّ (2) عَلَى حَرْبِ عَسْكَر إِشْبِيْليَة، فَأَمَدَّهُ بِجَيْشٍ عَلَيْهِم ابْنُ بَقَنَّة، فَهَزَمُوا عَسْكَر إِشْبِيْليَة، وَكَانَ عَلَيْهِ إِسْمَاعِيْلُ وَلَدُ القَاضِي ابْنِ عَبَّاد، وَقُتِلَ إِسْمَاعِيْلُ، وَحُمِلَ رَأْسهُ إِلَى إِدْرِيْسَ بنِ عَلِيٍّ، فَوَافَاهُ وَهُوَ عَلِيْلٌ، فَلَمْ يَعِشْ إِلاَّ يَوْمَيْن وَمَاتَ، وَخلَّف مِنَ الوَلَدِ: مُحَمَّداً الَّذِي لُقِّبَ بِالمَهْدِيِّ، وَالحَسَنَ الَّذِي لُقِّبَ بِالسَّامِي (3) .
وَكَانَ المُعْتَلِي بِاللهِ قَدِ اعْتَقَلَ مُحَمَّداً وَحَسَناً ابْنَيْ عَمِّه القَاسِمِ بن حَمُّوْد بِالجَزِيْرَةِ الخَضْرَاءِ، وَوَكَلَ بِهِمَا رَجُلاً مِنَ المغَاربَةِ، فَحِيْنَ بَلَغَهُ خَبَرُ مَقْتَل المُعْتَلِي جَمَعَ مَنْ كَانَ فِي الجَزِيْرَة مِنَ البَرْبَر وَالسُّودَان، وَأَخرج مُحَمَّداً وَحَسَناً، وَقَالَ: هَذَانِ سَيِّدَاكُم، فَسَارِعُوا إِلَى الطَّاعَةِ لَهُمَا.
فَبُوْيِعَ مُحَمَّدٌ، وَتَمَلَّكَ الجَزِيْرَةَ، لَكِنَّهُ لَمْ يَتسمَّ بِالخِلاَفَة، وَأَمَّا أَخُوْهُ الحَسَن، فَأَقَامَ مَعَهُ مُدَّةً، ثُمَّ تَزَهَّدَ وَلَبِسَ الصُّوفَ وَفرغ عَنِ الدُّنْيَا، وَحَجّ بِأُخْته فَاطِمَةَ (4) .
وَلَمَّا بَلَغَ نَجَا الصَّقْلَبِيَّ وَهُوَ بِسَبْتَة مَوْتُ إِدْرِيْسَ، عدَّى إِلَى مَالَقَة وَمَعَهُ حَسَنُ بنُ يَحْيَى بنِ عَلِيٍّ، فَخَارت قُوَى ابْنِ بَقَنَّة، وَهَرَبَ (5) ، فَتَحَصَّن بِحصنٍ لِمَارش وَهُوَ عَلَى بَرِيدٍ مِنْ مَالَقَة، فَبُوْيِعَ الحَسَنُ بنُ يَحْيَى بِالخِلاَفَة،
__________
(1) " جذوة المقتبس " 30، و" الكامل " 9 / 280.
(2) هو محمد بن عبد الله البرزالي صاحب قرمونة. انظر " جذوة المقتبس " 30، 31.
(3) " جذوة المقتبس " 30، 31، و" الكامل " 9 / 280، و" نفح الطيب " 1 / 432، وفيها أنه خلف من الولد أيضا يحيى الذي قتله ابن عمه حسن بن يحيى كما سيأتي.
(4) " جذوة المقتبس " 31، 32، و" الكامل " 9 / 280.
(5) قال الحميدي: فلما مات إدريس كما ذكرنا، رام ابن بقنة ضبط الامر لولده يحيى بن إدريس المعروف بحيون، ثم لم يجسر على ذلك كل الجسر التام، وتحير وتردد. " جذوة المقتبس " 32.

الصفحة 142