كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 17)

وَقَدْ صَارَ فِي عَشر السَّبْعِيْنَ، فوُلد لَهُ أَرْبَعَةُ بَنِينَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَعُبَيْد اللهِ، وَعَبْدُ الرَّحِيْم، وَعَبْد الوَهَّابِ.
قَالَ الحَافِظُ يَحْيَى بنُ عَبْدِ الوَهَّابِ: كُنْتُ مَعَ عمِّي عُبَيْد اللهِ فِي طَرِيْقِ نَيْسَابُوْر، فَلَمَّا بلغْنَا بِئرَ مَجَنَّة، قَالَ عَمِّي: كُنْتُ هَا هُنَا مَرَّةً، فَعَرضَ لِي شَيْخٌ جَمَّال، فَقَالَ: كُنْتُ قَافلاً مِنْ خُرَاسَانَ مَعَ أَبِي، فَلَمَّا وَصلنَا إِلَى هَا هُنَا إِذَا نَحْنُ بِأَرْبَعِيْنَ وِقْراً مِنَ الأَحمَالِ، فَظنَنَّا أَنَّهَا مَنسوجُ الثِّيَابِ، وَإِذَا خَيمَةٌ صَغِيْرَةٌ فِيْهَا شَيْخ، فَإِذَا هُوَ وَالدُكَ، فَسَأَلَهُ بَعْضُنَا عَنْ تِلْكَ الأَحمَالِ، فَقَالَ: هَذَا مَتَاعٌ قلَّ مَنْ يرغب فِيْهِ فِي هَذَا الزَّمَانِ، هَذَا حَدِيْثُ رَسُوْلِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (1) .
قَالَ البَاطِرْقَانِي: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ يَقُوْلُ: طُفت الشَّرقَ وَالغربَ مرَّتين (2) .
وَهَذِه حِكَايَةٌ نكتبهَا للتعجُّبِ.
قَالَ الحُسَيْنُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ: حُكِي لِي عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الهَمَذَانِيِّ رَئِيْسِ حُجَّاجِ خُرَاسَانَ، قَالَ: سَأَلتُ بَعْضَ خَدَمِ تُربَة رَسُوْل اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ مِنْ أَبْنَاءِ مائَةٍ وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، قَالَ: رَأَيْتُ يَوْماً رَجُلاً عَلَيْهِ ثِيَابٌ بيضٌ دَخَلَ الحَرَمَ وَقتَ الظّهرِ، فَانْشَقَّ حَائِطُ التُّرْبَة، فَدَخَلَ فِيْهَا وَبِيَدِهِ مِحبرَةٌ وَكَاغَدٌ وَقَلَمٌ، فَمَكَثَ مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ انْشَقَّ فَخَرَجَ، فَأَخذتُ بِذَيلِهِ، فَقُلْتُ: بِحقِّ مَعبودِكَ مَنْ
__________
= الإسلام سموه: ما وراء النهر، وما كان في غربيه فهو خراسان وولاية خوارزم - وخوارزم ليست من خراسان، إنما هي إقليم برأسه، " معجم البلدان " 5 / 45.
(1) " تاريخ الإسلام " 4 / 100 / 1، و" تذكرة الحفاظ " 3 / 1035.
(2) " تاريخ الإسلام " 4 / 100 / 1، و" تذكرة الحفاظ " 3 / 1034، و" طبقات الحنابلة " 2 / 167 وتتمته فيه: فلم أتقرب إلى كل مذبذب، ولم أسمع من المبتدعين حديثا واحدا.

الصفحة 37