كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 17)
قَالَ حَاتِمُ بنُ مُحَمَّدٍ: كَانَ أَبُو عِمْرَانَ مِنْ أَعلم النَّاسِ وَأَحْفَظِهم، جمع حِفْظَ الفِقْهِ إِلَى الحَدِيْثِ وَمَعْرِفَةِ معَانيه، وَكَانَ يقرأُ القرَاءاتِ وَيُجَوِّدُهَا، وَيَعرفُ الرِّجَالَ وَالجَرْحَ وَالتَّعْدِيْل، أَخَذَ عَنْهُ النَّاسُ مِنْ أَقطَارِ المَغْرِب، لَمْ أَلقَ أَحداً أَوسعَ عِلْماً مِنْهُ، وَلاَ أَكْثَرَ رِوَايَةً (1) .
قَالَ ابْنُ بَشْكُوَالٍ (2) :أَقرأَ النَّاسَ بِالقَيْرَوَان، ثُمَّ تركَ ذَلِكَ، وَدَرَّسَ الفِقْهَ، وَرَوَى الحَدِيْثَ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ: وَلدتُ مَعَ أَبِي عِمْرَانَ فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسِتِّيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ (3) .
قَالَ أَبُو عَمرٍو الدَّانِيُّ: تُوُفِّيَ فِي ثَالث عشر رَمَضَان، سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ (4) .
قُلْتُ: تخرَّج بِهَذَا الإِمَام خلقٌ مِنَ الفُقَهَاء وَالعُلَمَاء.
وحكَى القَاضِي عِيَاض (5) قَالَ: حَدَثَ فِي القَيْرَوَان مَسْأَلَةٌ فِي الكُفَّار؛ هَلْ يَعْرِفُوْنَ اللهَ - تَعَالَى - أُم لاَ؟
فَوَقَعَ فِيْهَا اختلاَفُ العُلَمَاء، وَوقعتْ فِي أَلْسِنَةِ العَامَّةِ، وَكثُر المِرَاءُ، وَاقْتَتَلُوا فِي الأَسواق إِلَى أَنْ ذهبُوا إِلَى أَبِي عِمْرَانَ الفَاسِيّ.
فَقَالَ: إِن أَنصَتُّم، عَلَّمْتُكُم.
قَالُوا: نَعَمْ.
قَالَ: لاَ يكلِّمُنِي إِلاَّ رَجُلٌ، وَيَسْمَعُ البَاقُوْنَ.
فَنَصَبُوا وَاحِداً، فَقَالَ لَهُ: أَرَأَيْتَ لَوْ لقيتَ رَجُلاً،
__________
(1) " الصلة " 2 / 612، و" ترتيب المدارك " 4 / 703، 704، و" معرفة القراء الكبار " 1 / 312.
(2) في " الصلة " 2 / 611.
(3) " الصلة " 2 / 612.
(4) " الصلة " 2 / 612، و" معرفة القراء الكبار " 1 / 312.
(5) في " ترتيب المدارك " 4 / 705.
الصفحة 546