كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 17)

قَالَ القَاضِي ابْنُ بَكْرَانَ الشَّامِيُّ: قُلْتُ لِلْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ شَيْخِنَا وَقَدْ عُمِّر: لَقَدْ مُتِّعتَ بِجَوَارِحِكَ أَيُّهَا الشَّيْخُ!
قَالَ: وَلِمَ؟ وَمَا عَصَيتُ اللهَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهَا قَطُّ - أَوْ كَمَا قَالَ -.
قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: سَمِعْنَا أَبَا الطَّيِّبِ يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النَّوْمِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَرَأَيْتَ مَنْ رَوَى أَنَّكَ قُلْت: (نَضَّرَ اللهُ امْرَءاً سَمِعَ مَقَالَتِي، فَوَعَاهَا) ، أَحقٌّ هُوَ؟
قَالَ: نَعَمْ (1) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ فِي (الطَّبَقَاتِ (2)) :وَمِنْهُم شَيْخُنَا وَأُسْتَاذُنَا القَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، تُوُفِّيَ عَنْ مائَةٍ وَسنتينَ، لَمْ يَختَلَّ عَقلُهُ، وَلاَ تَغيَّرَ فَهمُهُ، يُفْتِي مَعَ الفُقَهَاءِ، وَيَستدرِكُ عَلَيْهِمُ الخَطَأَ، وَيَقْضي، وَيَشهَدُ، وَيَحضُرُ المَوَاكِبَ إِلَى أَنْ مَاتَ.
تَفَقَّهَ بِآمُلَ عَلَى أَبِي عَلِيٍّ الزَّجَّاجِيّ صَاحِبِ أَبِي العَبَّاسِ بنِ القَاصِّ.
وَقَرأَ عَلَى أَبِي سَعْدٍ بنِ الإِسْمَاعِيْلِيِّ، وَأَبِي القَاسِمِ بنِ كَجَّ بِجُرْجَانَ، ثُمَّ ارْتَحَلَ إِلَى أَبِي الحَسَنِ المَاسَرْجِسِيِّ (3) ، وَصَحِبَهُ أَرْبَعَ سِنِيْنَ، ثُمَّ قَدِمَ بَغْدَادَ، وَعلَّقَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ البَافِيِّ الخُوَارَزْمِيِّ صَاحِبِ الدَّارَكِيِّ، وَحَضَرَ مَجْلِسَ أَبِي حَامِدٍ، وَلَمْ أَرَ فِيْمَنْ رَأَيْتُ أَكمَلَ اجْتِهَاداً، وَأَشَدَّ تَحْقِيْقاً، وَأَجوَدَ نَظراً
__________
= الاسفراييني تقدمت ترجمته برقم (111) .
(1) وتمام الحديث: " وأداها، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورب حامل فقه ليس بفقيه " وهو حديث صحيح، أخرجه من حديث ابن مسعود الشافعي 1 / 14، والترمذي (2659) ، وابن ماجة (232) والرامهرمزي ص 165، وأخرجه من حديث زيد بن ثابت أحمد 5 / 183، وأبو داود (3660) والترمذي (2658) وابن ماجة (230) والدارمي 1 / 75، والرامهرمزي ص 164، وأخرجه من حديث جبير بن مطعم أحمد 4 / 81، وابن ماجة (231) والدارمي 1 / 74، 75، وأخرجه من حديث أبي الدرداء الدارمي 1 / 75، 76، وأخرجه الرامهرمزي ص 165، 166 من حديث ابن عباس، وأبي سعيد الخدري.
(2) 127، ونقله عنه النووي في " تهذيب الأسماء واللغات " 2 / 247.
(3) في الأصل: " السرخسي " والمثبت من " الطبقات ".

الصفحة 670