كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 18)
وَقَدِمَ بَغْدَاد، وَلقَّبه القَائِم سَيِّدَ الوزرَاء، وَكَانَ مُعْتَزِلياً، لَهُ النّظم وَالنثر (1) ، فَلَمَّا مَاتَ طُغْرُلْبَك؛ وَزَر لأَلب آرسلاَن قَلِيْلاً وَنُكب.
يُقَالَ: غَنَّتْهُ بِنْتُ الأَعْرَابِيّ فِي جَوْقِهَا (2) ، فَطَرِبَ، وَأَمر لَهَا بِأَلفِي دِيْنَار، وَوهب أَشيَاء، ثُمَّ أَصْبَحَ، وَقَالَ: كَفَّارَةُ المَجْلِس أَنْ أَتصدَّقَ بِمِثْلِ مَا بَذَلْتُ البَارِحَةَ.
وَقِيْلَ: إِنَّهُ أَنْشَدَ عِنْد قَتله (3) :
إِنْ كَانَ بِالنَّاسِ ضِيْقٌ عَنْ مُنَافَسَتِي (4) ... فَالمَوْتُ قَدْ وَسَّعَ الدُّنْيَا عَلَى النَّاسِ
مَضَيْتُ وَالشَّامِتُ المغبُوْنُ يَتْبَعُنِي ... كُلٌّ بكَأسِ (5) المنَايَا شَارِبٌ حَاسِي
مَا أَسْعَدَنِي بدولَة بنِي سَلْجُوْق! أَعْطَانِي طُغْرُلْبَك الدُّنْيَا، وَأَعْطَانِي أَلب آرسلاَن الآخِرَة.
وَوَزَرَ تِسْع سِنِيْنَ، وَأَخَذُوا أَمْوَاله، مِنْهَا ثَلاَثُ مائَة مَمْلُوْك.
وَقُتِلَ صَبْراً، وَطيف بِرَأْسِهِ، وَمَا بَلَغَنَا عَنْهُ كَبِيْرُ إِسَاءةٍ، لَكِن مَا عَلَى غضب الْملك عِيَار.
قُتِلَ بِمَرْوِ الرُّوْذ فِي ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة، وَلَهُ اثْنَتَانِ وَأَرْبَعُوْنَ سَنَةً (6) .
قِيْلَ: كَانَ يُؤذِي الشَّافِعِيَّة، وَيُبَالغ فِي الاَنتصَار لمَذْهَب أَبِي حَنِيْفَةَ (7) .
__________
(1) أورد الباخرزي في " الدمية " 2 / 808 وما بعدها شيئا من نظمه ونثره.
(2) الجوق: الجماعة من الناس. (القاموس) .
(3) البيتان في " الكامل " 10 / 32.
(4) في " الكامل " مناقشتي.
(5) في " الكامل ": لكأس.
(6) انظر " الكامل " 10 / 31، و" وفيات الأعيان " 5 / 142، وقد أورده صاحب " النجوم الزاهرة " في وفيات سنة (457) .
(7) ونقل ابن خلكان عن السمعاني في " الذيل " أنه صحب أبا المعالي الجويني إمام =
الصفحة 114