كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 18)
قَالَ السِّلَفِيّ: سَأَلتُ المُؤتَمن عَنْ رزق الله، فَقَالَ: هُوَ الإِمَام عِلْماً وَنَفْساً وَأُبُوَّةً، وَمَا يُذكر عَنْهُ، فَتَحَامُلٌ مِنْ أَعدَائِهِ (1) .
وَقَالَ أَبُو عَامِرٍ العَبْدَرِيّ: كَانَ أَبُو مُحَمَّدٍ ظرِيفاً لطيفاً، كَثِيْرَ الحِكَايَات وَالمُلَح، مَا أَعْلَم مِنْهُ إِلاَّ خَيراً (2) .
وَقَالَ ابْنُ نَاصِرٍ: مَا رَأَيْتُ شَيْخاً ابْنَ سَبْعٍ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً أَحْسَنَ سَمتاً وَهدَايَةً وَاسْتقَامَةَ قَامَةٍ مِنْهُ، وَلاَ أَحْسَنَ كَلاَماً، وَلاَ أَظرفَ وَعْظاً، وَأَسرعَ جَوَاباً مِنْهُ (3) ، فَلَقَدْ كَانَ جمَالاً لِلإِسْلاَم - كمَا لُقِّب - وفخراً لأَهْل العِرَاق خَاصَّةً، وَلجمِيْع البِلاَد عَامَّةً، مَا رَأَينَا مِثْلَه، وَكَانَ مقدّماً وَهُوَ ابْنُ عِشْرِيْنَ سَنَةً، فَكَيْفَ اليَوْم؟ وَكَانَ ذَا قدرٍ رفِيعٍ عِنْد الخُلَفَاء.
وَقَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ أَبِي سَعْدٍ شَيْخ الشُّيُوْخ: كَانَ رِزقُ الله إِذَا قرَأَ عَلَيْهِ ابْنُ الخَاضبَة هَذَا الحَدِيْث - يعنِي حَدِيْث: (مَنْ عَادَى لِي وَلِيّاً) - أَخَذَ خَدَّه وَقَرَصَه، وَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ يَنْبُتُ تَحْتَ حُبِّكُم مِنْ ذَا شَيْءٌ.
أُنْبِئتُ عَنِ ابْنِ الأَخضر، أَخْبَرَنَا الزاغونِيّ، أَنشدنَا رزقُ الله لِنَفْسه:
لاَ تَسْأَلاَنِي عَنِ الحيِّ الَّذِي بَانَا ... فَإِنَّنِي كُنْتُ يَوْمَ البَيْنِ سَكْرَانَا
يَا صَاحِبيَّ عَلَى وَجْدِي بِنَعْمَانَا ... هَلْ رَاجِعٌ وَصْلُ لَيْلَى كَالَّذِي كَانَا
مَا ضَرَّهُمْ لَوْ أَقَامُوا يَوْمَ بَيْنَهمُ ... بِقَدْرِ مَا يَلْبَسُ المَحْزُوْنُ أَكْفَانَا (4)
__________
(1) الخبر في " المستفاد من ذيل تاريخ بغداد ": 117 - 118، و" ذيل طبقات الحنابلة " 1 / 79.
(2) الخبر في " ذيل طبقات الحنابلة " 1 / 79.
(3) الخبر إلى هنا في " المستفاد ": 118، وبتمامه في " ذيل طبقات الحنابلة " 1 / 79.
(4) الابيات في " المستفاد من ذيل تاريخ بغداد ": 117، و" ذيل طبقات الحنابلة " 1 / 82.
الصفحة 614