كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 19)
وَالإِنْس، يُعْرَفُ بِإِجَابَة الدُّعَاء عِنْدَهُ (1) .
قَالَ: وَسَأَلتُ شُجَاعاً المُدْلَجِيَّ وَغَيْرهُ عَنِ الخِلَعِي: النِّسبَةُ إِلَى أَيِّ شَيْء؟ فَمَا أَخْبَرَنِي أَحَدٌ بِشَيْءٍ، وَسَأَلتُ السَّدِيدَ الرَّبَعِيّ، وَكَانَ عَارِفاً بِأَخْبَار المِصْرِيّين، عدلاً، فَقَالَ: كَانَ أَبُوْهُ بَزَّازاً، وَكَانَتْ أُمَرَاءُ المِصْرِيّين مِنْ أَهْلِ القَصْر يَشترُوْنَ الخِلَع مِنْ عِنْدِهِ، وَكَانَ يَتَصَدَّقُ بِثُلُثِ مَكْسَبِهِ.
وَذَكَرَ ابْن رِفَاعَةَ أَنَّهُ سَمِعَ مِنَ الحَبَّال، وَأَنَّهُ أَتَى إِلَى الخِلَعِي، فَطَرَدَه مُدَّةً، وَكَانَ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ، أَظُنُّ مِنْ جِهَةِ الاعتِقَاد، فَهَذِهِ الحكَايَة مُنْكرَة، لأَنَّ أَبَا إِسْحَاقَ الحَبَّال كَانَ قَدْ مُنِعَ مِنَ التَّحْدِيْث قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَوَاتٍ، وَيَصبُو ابْن رِفَاعَةَ عَنْ إِدرَاكِ الأَخْذ عَنْهُ قَبْل ذَلِكَ.
قَالَ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ العَابِدُ: سَمِعْتُ الشَّيْخ ابْن بَخيسَاه (2) ، قَالَ:
كُنَّا نَدْخُلُ عَلَى القَاضِي أَبِي الحَسَنِ الخِلَعِي فِي مَجْلِسِهِ، فَنجِدُهُ فِي الشِّتَاء وَالصَّيْف وَعَلَيْهِ قَمِيْصٌ وَاحِدٌ، وَوجهُهُ فِي غَايَةٍ مِنَ الحُسْنِ، لاَ يَتغَيَّر مِنَ البَرد، وَلاَ مِنَ الحَرِّ، فَسَأَلتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ، وَدَمَعَت عينُه (3) ، ثُمَّ قَالَ: أَتَكْتُمُ عَلَيَّ مَا أَقُوْل؟
قُلْتُ: نَعم.
قَالَ: غَشِيَتْنِي حُمَّى (4) يَوْماً، فَنِمْتُ فِي تِلْكَ اللَّيْلَة، فَهتفَ بِي هَاتفٌ، فَنَادَانِي بِاسْمِي، فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ
__________
(1) الخبر في " طبقات السبكي ": 5 / 254، وليس من شرط إجابة الدعاء أن يدعو الإنسان عند قبر نبي أو صالح، بل هو مما استحدثه من لم يتضلع من هدي القرآن، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، وسيرة السلف الصالح الذين هم خير القرون بشهادة المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى.
(2) في " طبقات السبكي ": نحيساه، وقال محققه: وفي س بالخاء المعجمة، وفي عيون التواريخ: بختشاه.
(3) في الطبقات: عيناه.
(4) في الأصل: حماه، وفي " اللسان ": الحمى والحمة: علة يستحر بها الجسم.
الصفحة 77