كتاب سير أعلام النبلاء ط الرسالة (اسم الجزء: 19)

وَكَانَ يَشُدُّ فِي وَسطه مئزراً، وَيَخلَعُ فِي بَيْته ثيَابَه وَيَجْلِس، وَقَالَ: مَا دَخَلتُ فِي القَضَاءِ حَتَّى وَجَب عليَّ (1) .
قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الصَّدَفِيُّ: هُوَ وَرِعٌ زَاهِدٌ.
وَأَمَّا الفِقْه، فَكَانَ يُقَالُ: لَوْ رُفِعَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيّ، لأَمْكنه أَنْ يُمْلِيَهِ مِنْ صَدْره (2) .
علق عَنْهُ: القَاضِي أَبُو الوَلِيْدِ البَاجِي.
قَالَ عَبْدُ الوَهَّابِ الأَنْمَاطِيُّ: كَانَ قَاضِي القُضَاة الشَّامِيّ حَسنَ الطَّرِيقَة، مَا كَانَ يَتبسَّمُ فِي مَجْلِس قضَائِهِ (3) .
قُلْتُ: كَانَ قُدُومُه بَغْدَاد فِي سَنَةِ عِشْرِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَكَانَ مِنْ أَوعيَة الفِقْه، وَقَدْ صَنَّفَ (البيَان فِي أُصُوْل الدّين (4)) يَنْحُو فِيْهِ إِلَى مَذْهَب السَّلَف.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الآبَنُوسِي: كَانَ لِقَاضِي القُضَاة الشَّامِيّ كِيْسَانِ، أَحَدهُمَا يَجعل فِيْهِ عِمَامَته، وَقمِيْصاً مِنَ القُطنِ الحَسَن (5) ، فَإِذَا خَرَجَ لَبِسَهُما، وَالكيس الآخر فِيْهِ فَتيتٌ يَجعل مِنْهُ فِي قَصْعَة وَيَقتَاتُ مِنْهُ (6) .
وَعَنْهُ، قَالَ: أَعصي إِنْ لَمْ أَلِ القَضَاء، وَكَانَ أَبُو مُحَمَّدٍ التَّمِيْمِيّ - فِيمَا
__________
(1) طبقات السبكي: 4 / 205.
(2) طبقات السبكي: 4 / 203، طبقات الاسنوي: 2 / 95، عيون التواريخ: 13 / الورقة 51.
(3) طبقات السبكي: 4 / 203.
(4) ذكره في كشف الظنون: 1 / 264، وهدية العارفين: 2 / 76، وإيضاح المكنون: 1 / 206.
(5) في الطبقات: الخشن.
(6) طبقات السبكي: 4 / 205.

الصفحة 87